منتدى حسب الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى حسب الله

منتدى عربى رائع جدا نتمنى له الدوام. فيه كل اللى نفسك فيه
 
الرئيسيةالبوابة2أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 التاريخ الاسلامى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
منتدى حسب الله
المدير
المدير
منتدى حسب الله


عدد الرسائل : 6792
الأوسمة : التاريخ الاسلامى W4
نقاط : 67290
تاريخ التسجيل : 25/04/2008

التاريخ الاسلامى Empty
مُساهمةموضوع: التاريخ الاسلامى   التاريخ الاسلامى Icon_minitimeالأحد مايو 31, 2009 1:40 pm

التاريخ الاسلامى
التاريخ الاسلامى 810po2

إن دراسة التاريخ هي دراسة في أحوال الإنسان وحركته على هذه الأرض، والنظر في معاملاته المختلفة، معاملات الإنسان مع الحق، ومع رسل الله، ومدى استقامته وانحرافه عن المهج الإسلامي الحق.
فالتاريخ الإسلامي هو تاريخ دين وعقيدة، قبل أن يكون تاريخ دول ومعارك، ونظم سياسية، لأن العقيدة هي التي أنشأت هذه الكيانات من الدول والمجتمعات..

إن نظرة المؤرخ الإسلامي إلى التاريخ تأتي من قوله تعالى في سورة يوسف "ولقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يفتري ولكن تصديق الذي بين يديه، وتفصيل كل شئ وهدى رحمة لقوم يؤمنون" (سورة يوسف آية 111)
وطلب الحق تبارك وتعالى منا النظر في الكون والتفكر في أحوال الماضين، والسير في الأرض للاعتبار والعظة.. يقول تعالى " أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم" (سورة الروم آية 9)

ميدان دراسة التاريخ الإسلامي:
1ـ تاريخ ما قبل الإسلام. ويتناول حياة الأنبياء ودعواتهم، ومدى استجابة أقوامهم، ومدى الصدود عن الدعوة، ويتناول كذلك أحوال العرب قبل الإسلام.
2ـ التاريخ الإسلامي. ويشمل حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين من بعده، والعهد الأموي والعصر العباسي والدويلات المستقلة، والعصر الأيوبي والمملوكي وعهد الخلافة العثمانية، وحتى أحداث العهد الحاضر..


وبما اننى احد عاشقى التاريخ فيسعدني فى هذا المنتدى أن أضع التاريخ الاسلامى مستعينا فى ذلك بكتابات اخى العزيز الأستاذ الفاضل الدكتور راغب السرجانى والذى أحبه فى الله وأتمنى من الجميع أن يستمع الى شرائطه ويقرا محاضراته القيمة لتعم الفائدة ونعمل بالدروس المستفاده لحاضرنا ومستقبلنا إن شاء الله.


ولمن لا يعرف الدكتور راغب نكتب سيرته:
تعريف: د. راغب السرجانى
وٌلد الدكتور / راغب السرجاني عام ١٩٦٤ بمحافظة الغربية وتخرج في كليه الطب جامعة القاهرة بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف عام ١٩٨٨ ثم حصل على درجه الماجستير ١٩٩٢ من جامعة القاهرة والدكتوراه بإشراف مشترك بين مصر و أمريكا ١٩٩٨ ( في تخصص جراحه المسالك البولية والكلي ).
وهو الآن يشغل منصب أستاذ مساعد في كليه الطب جامعه القاهرة.
أتم الدكتور راغب السرجاني حفظ القرآن الكريم سنه ١٩٩١
له اهتمامات واسعة بقضايا الأمة الإسلامية وهمومها المختلفة منطلقا من فهم عميق للتاريخ الإسلامي وما يحفل به من عبر ودروس و تطبيقات للكثير من سنن الله في خلقه..
يركز الدكتور راغب في دراسته التاريخية على جوانب مهمة من بينها:
١- عوامل القيام النهضة في مختلف مراحل التاريخ ومدى الاستفادة من إعادة بناء الأمة الإسلامية اليوم.
٢- بعث الأمل في نفوس المسلمين (وخاصة الشباب ) في إمكانية نهوض الأمة الإسلامية وارتفاعها مهما بدا الواقع مظلما ( بالنظر إلى دورات مشابهة في تاريخ الأمة ).
٣- إظهار الوجه الحقيقي للتاريخ الإسلامي بما كان يميزه من حضارة فريدة في مذاقها الإنساني والخلقي والعلمي والجمالي... وعلى عكس ما يظهر عليه ذلك التاريخ عند كثيرين مليئا بالصراعات مقتصرًا على الجوانب السياسية فقط.
٤- وعلى مدار عشرين عاما من التواصل العميق مع كنوز التاريخ الإسلامي .. وعبر العديد والعديد من دول العالم ( في أمريكا الشمالية وأوروبا إلى جانب مصر ودول الخليج العربي..). كان للدكتور / راغب السرجاني المئات من الإسهامات العلمية والدعوية ما بين محاضرات ومقالات وتحليلات للتاريخ والواقع الإسلامي.
من المحاضرات التاريخية:
في ظلال السيرة النبوية ( ٤٤ محاضرة )
أبو بكر ( الصاحب الخليفة ) ١٢ محاضرة
حروب الردة ( ٦ محاضرات )
فتوح فارس ( ١٤ محاضرة)
فتوح العراق (١٦ محاضرة )
فتوح الشام ( ٢٠ محاضرة)
الفتنه الكبرى ( ١٢ محاضرة )
الدولة الأموية (١٢ محاضرة )
الأندلس .. من الفتح إلى السقوط
قصة التتار .. من البداية إلى عين جالوت
فلسطين حتى لا تكون أندلسًا أخرى
كما أن له العديد من المحاضرات التربوية والبنائية الأخرى:

المقاطعة - فلسطين لن تضيع مجموعة - كن صحابيا (١٢ محاضرة ) -...

التاريخ الاسلامى W6w20050727110824209398ebfdfd2sv0


فانتظرونا وقصة الاسلام
بقلم د. راغب السرجانى

التاريخ الاسلامى 130rqfl6
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassabala.yoo7.com
منتدى حسب الله
المدير
المدير
منتدى حسب الله


عدد الرسائل : 6792
الأوسمة : التاريخ الاسلامى W4
نقاط : 67290
تاريخ التسجيل : 25/04/2008

التاريخ الاسلامى Empty
مُساهمةموضوع: رد: التاريخ الاسلامى   التاريخ الاسلامى Icon_minitimeالأحد مايو 31, 2009 1:42 pm

بقلم د. راغب السرجانى
العهد المكى

1. السيرة وبناء الأمة
2. من الظلمات إلى النور
3. من هنا بدأ الإسلام
4. بدء الوحي
5. الدعوة سراً
6. الدعوة جهراً
7. تربية الثبات
8. هجرة الحبشة الأولى
9. هجرة الحبشة الثانية
10. إسلام عمر
11. عام الحزن
12. بيعة العقبة الأولى
13. بيعة العقبة الثانية
14. الهجرة إلى المدينة

ولنبدا

اولا : السيرة وبناء الامة



السيرة وبناء الأمة
مقدمة
كيف نبني الأمة؟
السيرةالنبوية وبناء الأمة
قواعد دراسة السيرة النبوية
المراجع التي ندرس من خلالها السيرة النبوية
منهجنا في دراسة سيرة النبي صلى الله عليه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassabala.yoo7.com
منتدى حسب الله
المدير
المدير
منتدى حسب الله


عدد الرسائل : 6792
الأوسمة : التاريخ الاسلامى W4
نقاط : 67290
تاريخ التسجيل : 25/04/2008

التاريخ الاسلامى Empty
مُساهمةموضوع: رد: التاريخ الاسلامى   التاريخ الاسلامى Icon_minitimeالأحد مايو 31, 2009 1:43 pm

مقدمة

في هذه السطور ندرس موضوعًا من أهم الموضوعات في حياة المسلمين بل في حياة الأرض بكاملها، ندرس سيرة رجل هو أعظم رجل خلقه الله عز وجل منذ خلق آدم إلى يوم القيامة، أعظم رجل على الإطلاق.
عادة ما يتفوق الناس في مجال ويتأخرون في مجال آخر لكن هذا الرجل تفوق في كل المجالات مطلقا تفوق في عبادته، في معاملاته، في شجاعته، في كرمه، في حلمه، في زهده، في تواضعه، في حكمته، في ذكاءه، في كل شيء....
نحن ندرس سيرة الإنسان الذي خاطبه الله بقوله: [وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ] {القلم:4}.
فأي خُلُق هذا الذي وصفه الله عز وجل العظيم العليم سبحانه وتعالى بأنه خلق عظيم.
هذا الرجل أقسم الله عز وجل به فقال: [لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ] {الحجر:72} . فهو رجل أقسم الله عز وجل بحياته.
ندرس سيرة الرجل الذي لن يحاسب الله عز وجل الخلائق يوم القيامة إلا عندما يشفع هذا الرجل للحساب، كل نبي لن يشفع حتى لأتباعه إلا بعد أن يشفع هذا الرجل.
ندرس سيرة الرجل الذي لن ندخل الجنة إلا خلفه، لن نُرْوى يوم القيامة إلا من يده ومن حوضه ومن نهره.
إن عرفنا سيرته ونهجه واتبعناه كانت النجاة في الدنيا ولآخرة، وإن جهلنا طريقته أو خالفناه قيل لنا سحقا سحقا.
نحن ندرس سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم الماحي الذي محى الله به الكفر، أول من يُبعث من الخلائق يوم القيامة.
حامل لواء الحمد يوم القيامة صاحب المقام المحمود والحوض المورود يوم القيامة.
ندرس سيرة الرجل الذي فُتحت له أبواب السماء ليخترقها بجسده إلى ما بعدها، لما صعد صلى الله عليه وسلم مع جبريل في رحلة المعراج إلى السماء وطرق الباب أجاب الملك: من؟ قال: جبريل. قال: فمن معك؟ قال: محمد. قال: أوَ أذن له؟ قال: نعم. ففتح باب السماء ليدخل النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكان لم يدخله بشر من قبل ذلك وهو حي.
الرجل الذي وصل إلى مكان لم يصل إليه بشر ولا ملك، حتى الملائكة لم تصل إلى المكان الذي وصل إليه محمد صلى الله عليه وسلم.
الرجل الذي شاهد الجنة والنار بعينه لا بعقله فقط.
نحن لا نقارن عظمة النبي صلى الله عليه وسلم بعظمة بوذا وكونفشيوس وهتلر ولينين وستالين كما فعل- مثلا- صاحب كتاب الخالدون مائة وأعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم، ويفرح الكثيرون بهذ الكتاب ظنا منهم أنهم أنصفوه، لكنهم ما أنصفوه إذ قارنوه بهؤلاء، نحن نقارن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنوح عليه السلام وبإبراهيم عليه السلام وبموسى وعيسى عليهما السلام وبكل أنبياء الله عز وجل عليهم أجمعين الصلاة والتسليم.
نقارنه أيضا بالملائكة أجمعين بملك الأرزاق، بملك الجبال، بملك البحار، بحملة العرش، بل بجبريل عليه السلام.
لما وصل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى سدرة المنتهى ومعه جبريل عليه السلام لم يستطع روحُ القدسِ التقدم خطوة واحدة وقال له: لو تقدمت خطوة واحدة لاحترقت أما محمد صلى الله عليه وسلم فقد مكنّه الله عز وجل من ذلك وتقدم ليقف عند سدرة المنتهى التي عندها جنة المأوى للقاء الله عز وجل ويكلمه بدون حجاب.
هذا الرجل له مقام عظيم خالد وعلى قدر هذه العظمة يجب أن يكون اهتمامنا بسيرته، بل وبكل دقيقة مرت في حياته الشريفة صلى الله عليه وسلم.
وإذا كانت دراسة السيرة مهمة في زمن من الأزمان فهي في زماننا هذا أهم.
في هذا الزمان تمر الأمة الإسلامية بحالة من التصدع والتفكك ولانهيار في أجزاء والانحلال في أجزاء أخرى، أزمة خطيرة تمر بها أمة الإسلام.
ونجد تباينًا كبيرًا بين ما وصف الله به الأمة في كتابه الكريم وبين حالها الذي نراه بأعينن في الواقع .
فمما وصف الله به تعالى أمة الإسلام في كتابه:
[كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ] {آل عمران:110} .
[وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا] {البقرة:143}.
هذه هي الأمة التي وصفها الله عز وجل في كتابه، أما واقع الأمة الآن فتجد التأخر في كل المجالات:
تأخر عسكري على كل مساحة الأمة الإسلامية فمعظم الدول الإسلامية أقل في التسليح من أي دولة محاربة لهم.
أشياء لأول مرة نسمع عنها في التاريخ: كأن تُؤمر دولةٌ بتدمير أسلحتها بنفسها وإلا عوقبت. واعتقدت دول العرب والمسلمين أن هذا الطريق هو الطريق الأمثل للنجاة.
لأول مرة نسمع في التاريخ أن بعض الدول توقع على نفسها بعدم امتلاك سلاح أو تصنيعه مع أن هذا السلاح متوفر عند أعدائها. والأشد من ذلك أن تفتخر هذه الدول بهذه الاتفاقيات برغم أن معظم دول العالم يمتلكون هذا السلاح فرنسا وروسيا وأمريكا وكوريا ولا ينزع منهم هذا السلاح، ومنتهى أحلام الدول الإسلامية أن ينزع السلاح من إسرائيل.
فهذا تأخر عسكري رهيب لم يسبق في تاريخ المسلمين.
تأخر اقتصادي هذا التأخر الغير مفهوم برغم كل إمكانيات الأمة الضخمة، من بترول ومعادن وممرات وكميات هائلة من المنتجات فلماذا هذا التخلف الاقتصادي الضخم مع كثرة الموارد وتنوعها.
تأخر علمي هناك فجوة هائلة بيننا وبين غيرنا من البلاد يقدرها بعض الناس بمئات السنين لا بعشرات السنين أو آحاد السنين.
تأخر في الوحدة فما تجد دولتين مسلمتين إلا وبينهما صراع على الحدود.
إن ما يحدث في الأمة الإسلامية أمر يشق على النفس، حتى الجانب الأخلاقي.
الحضارة ليست الجوانب المادية فقط، ليست السلاح أو المعمار أو الأموال أو العلوم.
فالحضارة أمور كثيرة من بينها الأمور الأخلاقية، وهو ما يفتقده بعض المسلمين اليوم، ولننظر إلى معاملات المسلمين مع بعضهم في الطرقات بل مع الجيران، ومعاملات الموظفين مع الناس، مرورًا بتقاضي الرشاوي، بجانب الفساد وإلى وسائل الإعلام والأفلام والإباحية المفرطة في الأغاني وفي الإعلانات وفي الشوارع حتى في أماكن العلم في الجامعات وفي المدارس.
من المؤكد أن القرآن حق لا باطل فيه، وصدق ل كذب فيه، القرآن يقول
[كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ] {آل عمران:110}
[وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا] {البقرة:143}
فالعيب إذًا ليس في القرآن، فالقرآن صادق وحق، بل إن العيب فينا نحن بسبب عدم فهمنا الدقيق للقرآن الذي ترتب عليه سوء التطبيق للقرآن والسنة، حتى ألمت بالأمة الإسلامية النكبات والمصائب وحل بها ما نراه الآن من تدهور وتخلف في شتى المجالات.
بهذا الكلام نحن لا ندعو إلى الإحباط رغم كل ما حل بالأمة ومع كل ما ذكرناه لكن ندعو إلى البناء، إلى بناء الأمة الإسلامية، إلى إعادة ترميم الصدع الكبير الذي حدث بالأمة الإسلامية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassabala.yoo7.com
منتدى حسب الله
المدير
المدير
منتدى حسب الله


عدد الرسائل : 6792
الأوسمة : التاريخ الاسلامى W4
نقاط : 67290
تاريخ التسجيل : 25/04/2008

التاريخ الاسلامى Empty
مُساهمةموضوع: رد: التاريخ الاسلامى   التاريخ الاسلامى Icon_minitimeالأحد مايو 31, 2009 1:44 pm

كيف نبني الأمة؟

هناك أمل كبير في إعادة البناء، بل إن هناك يقينً في إعادة البناء، وستقوم الأمة من جديد، فهذا ما وعد الله عز وجل به، وهو سبحانه لا يخلف الميعاد، يقول الحق تبارك وتعالى:
[إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ] {غافر:51} .
ولم يقتصر النصر على يوم القيامة فقط، بل في الحياة الدنيا أيضًا.
يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف:
إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الْأَرْضَ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا.
فسيبلغ ملك أمة المسلمين حتمًا مشارق الأرض ومغاربه، وهذا وعد الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
لا بد من أمرين في بناء الأمة:
الأمر الأول: يقين بهذا الأمر.
يقين كيقين الصحابة رضي الله عنهم في غزوة الأحزاب، لقد تحزبت الأحزاب حول المدينة ما يقرب من عشرة آلاف، وهذا الرقم ضخم جدًا في زمان الجزيرة العربية، وكان يريدون أن يطفئوا نور الله، يريدون إبادة المسلمين.
كان الرجل من بني شيبان عند فخره يقول إننا نزيد على الألف، فهذا الرقم كان رقمًا ضخمًا بالنسبة للعرب ولن يغلب ألف من قلة.
تخيل عشرة آلاف يحيطون بالمدينة المنورة إنها ضائقة شديدة جدًا، والرسول صلى الله عليه وسلم في وسط هذه الضائقة يضرب بيده الحجر الذي استعصى على المسلمين، تناول المعول بيده فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ. فَضَرَبَ ضَرْبَةً، فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ وَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِي هَذَا. ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ. وَضَرَبَ أُخْرَى، فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ الْمَدَائِنَ وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الْأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِي هَذَا. ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى، فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا.
كيف يكون رد المسلمين وهم يسمعون بشريات النبي صلى الله عليه وسلم وهم في هذه الضائقة قال المؤمنون كما وصفهم الحق تبارك وتعالى:
[وَلَمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا] {الأحزاب:22} .
المسلمون في هذه الضائقة علموا أن نصر الله عز وجل قريب لأن نصر الله عز وجل يأتي بعد اشتداد الأزمات.
أما المنافقون فلما رأوا الفجوة الواسعة بين إمكانيات المسلمين وإمكانيات الأحزاب قالوا كما أخبر الحق تبارك وتعالى عنهم:
[وَإِذْ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا] {الأحزاب:12} .
هكذا كان حال المنافقين في غزوة الأحزاب لما اعتمدوا في تقييمهم على حسابات مادية بحتة ولم يقدروا لله عز وجل قدره، لم يقدروا قوة الله عز وجل، ولم يقدروا عظمة الله عز وجل، فالمنافقون لا يؤمنون، أما المؤمنون الصادقون الذين يعلمون قدر الله عز وجل فأيقنوا أن نصر الله عز وجل قريب جدًا؛ لأن الأزمة اشتدت.
وفي زماننا هذا اشتدت الأزمة، واستحكمت حلقاتها والنصر آت لا محالة ولا شك في ذلك إن شاء الله.
- الأمر الثاني: أين دورك في بناء الأمة الإسلامية؟
كثيرًا ما ينتظر المسلمون مَنْ يأتي إليهم ليعيد لهم بناء الأمة الإسلامية من جديد، لكن أين دورك أنت الذي كلفك الله به لإعادة إعمار الأمة الإسلامية أو لإعادة بنئه لترجع كما كانت في الصدارة وكما أراد الله لها
[كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ] {آل عمران:110} .
يقول الحق تبارك وتعالى :
[كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ] {المدَّثر:38} .
[أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى] {النَّجم:38} .
فإن قصر الناس في أعمالهم فلن يحاسبك الله إلا على تقصيرك أنت هكذا وعد الله عز وجل، وهذا من عدله سبحانه وتعالى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassabala.yoo7.com
منتدى حسب الله
المدير
المدير
منتدى حسب الله


عدد الرسائل : 6792
الأوسمة : التاريخ الاسلامى W4
نقاط : 67290
تاريخ التسجيل : 25/04/2008

التاريخ الاسلامى Empty
مُساهمةموضوع: رد: التاريخ الاسلامى   التاريخ الاسلامى Icon_minitimeالأحد مايو 31, 2009 1:45 pm

السيرةالنبوية وبناء الأمة

كل إنسان اليوم يريد بناء الأمة على طريقته وعلى منهجه.
فنجد من ينادي ببناء الأمة الإسلامية على أن تقوم على النظام الاشتراكي، ونظل في قيد الاشتراكية سنوات طويلة، وبعد مرور أعوام كثيرة نتبين أن هذا المنهج له أخطاء حتى أن بعض الدول كانت تطبق هذا النظام بعد فشله في الدول التي أحدثته!!
والبعض يقترح النظام الرأسمالي وحاله من حال الاشتراكية يطبق لسنوات طويلة وفي النهاية يتبين خطأ هذا النظام.
ونجد من ينادي بتطبيق القانون الفرنسي أو الإنجليزي أو غيره، ونظل نبحث عن مناهج لنرتقي بأمتنا في الشرق والغرب ونختلف ونتصارع.
الرسول صلى الله عليه وسلم أرشدنا في مثل هذه الأمور وفي ظل الاختلاف والتصارع أن يكون لنا من نحكّمه عند اختلافنا ففي الحديث الذي يرويه العرباض بن سارية يقول:
وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ.
ومن هنا كانت دراسة حياة النبي صلى الله عليه وسلم ودراسة حياة الخلفاء الراشدين المهديين أمرًا حتميًا لمن أراد أن يهتدي إلى الطريق الصحيح لبناء الأمة الإسلامية.
ولن نستطيع أن نبني هذه الأمة على غير منهج الرسول صلى الله عليه وسلم.
في هذه السطور ندرس جانبًا من حياة النبي صلى الله عليه وسلم الذي عاش فيه في مكة وليس غرض ذلك أن نستقصي كل حدث أو واقعة وقعت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، فهذا أمر يطول شرحه ويعجز البيان عن وصفه.
لماذا لا نستطيع أن نحصي كل ما حدث في فترة مكة؟
- أولًا:
لأنها سجلت بدقة بالغة وخاصة منذ بعثته صلى الله عليه وسلم إلى أن مات. فكل لحظة في حياته صلى الله عليه وسلم سجلت منذ البعثة وحتى الوفاة، حتى أدق التفاصيل في حياته صلى الله عليه وسلم وبعناية فائقة.
وكل نقطة لا يتخيل أنها تُسَجل عن حياة إنسان سجلت للنبي صلى الله عليه وسلم.
ولعل الحكمة من تعدد زواج النبي صلى الله عليه وسلم من نساء كثيرة أن ينقلن الحكمة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن حياته الشخصية الداخلية التي لا يراها غيرهن.
ولماذا هذا التسجيل الضخم الدقيق الكبير؟!
ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدوة كاملة وليس بعده نبي إلى يوم القيامة.
[لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا] {الأحزاب:21} .
نحن مطالبون بأن نقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في كل حياته في كل خطوة من خطوات حياته، مطالبون باتباعه في رضاه وفي غضبه صلى الله عليه وسلم، مطالبون باتباعه في حزنه وفي سروره صلى الله عليه وسلم، في حله وفي ترحاله، في كل لحظة من حياته صلى الله عليه وسلم، فإذا رضي فهذا هو الموضع الذي يجب أن نرضى فيه، وإذا غضب فهذا هو الموضع الذي يجب أن نغضب فيه.
- ثانيًا:
مما يجعل إحصاء كل أمر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أمرًا صعبًا ذلك التنوع العجيب في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فتارة يكون مُطاردًا مُعرّضًا للأذى والاضطهاد كما في حادث الهجرة لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة مطاردًا هو وصديقه أبو بكر رضي الله عنه وظلا مطارديْن حتى وصلا إلى المدينة والمشركون لا يدخرون وسعًا في البحث عنهما لقتلهما، وفي نفس سيرة هذا الرجل تجد أنه مكّن في الأرض، يرسل الرسائل إلى كل عظماء الأرض من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى عظيم الفرس، ورسالة إلى هرقل عظيم الروم، وإلى المقوقس عظيم القبط، ويرسل إلى كل ملوك الأرض في زمانه.
تغييرات وتطورات كثيرة جدا في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
فتارة تجده صلى الله عليه وسلم يعاهد قومًا ثم تتغير الظروف وينقضوا عهدهم فيحاربهم، تارة يكون فقيرًا معدمًا يربط على بطنه حجرين من الجوع لا يوقد في بيته نار ثلاثة أهلة في شهرين، وتارة يكون غنيًا تأتيه الأموال من كل بقاع الجزيرة العربية، ينفق في سبيل الله إنفاقًا غير مسبوق، يعطي لهذا مائة من الإبل وهذا مائة من الإبل وهذا أكثر وهذا أقل، ينفق إنفاق من لا يخشى الفقر، كما قال الأعرابي لَمّا أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم غنمًا بين جبلين فذهب لقومه يقول لهم: أسلموا فإن محمد يعطي عطاء من لا يخشى الفقر. هو هو الذي كان فقيرًا معدمًا.
يتعامل مع المشركين، ويتعامل مع اليهود، ويتعامل مع النصارى، يتعامل مع المنافقين، ويتعامل مع المؤمنين.
فكل تنوع من الممكن أن يحدث في حياة رجل أو في حياة أمة حدث في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن ثَمَّ كان استقصاء كل مواقف سيرته صلى الله عليه وسلم أمر صعب للغاية.
- ثالثًا:
هناك جيل عظيم عاش مع النبي صلى الله عليه وسلم هذا الجيل العظيم صنع أحداثًا عظيمة تعجز عشرات المجلدات على حملها.
الإنسان العظيم الذي يعيش مع ناس هَمَل ليست لهم قيمة لن تكون له أحداث، إنما الرجل العظيم الذي يعيش مع عظماء يتفاعلون معه بصورة إيجابية تامة في كل لحظة من لحظات الحياة، يتحركون بحمية، يفكرون بجدية، يتناقشون بفهم ووعي وإدراك، فكل صحابي قصة ضخمة في حد ذاته ، فأبو بكر رضي الله عنه - على سبيل المثال - يحتاج إلى عشرات المجلدات لوصف مواقفه مع النبي صلى الله عليه وسلم، كذلك عمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم جميعًا - وكذلك السيدة عائشة والسيدة حفصة وباقي المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم أجمعين.
آلاف من الكتب والمراجع كتبت عن هؤلاء الصحابة وكل هذا في النهاية هو جزء في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
- رابعًا:
الأحداث العظيمة التي تحدث في حياة الناس هي التي ينبغي أن نقف عندها، فكلما كان الحدث عظيمًا كلما احتاج إلى دراسة وتحليل ووصف وشرح، تمر على حياة الناس عشرات السنين دون أن يكون هناك حدث عظيم يؤثر في مجموع البشر، فالأحداث المؤثرة فقط تحتاج إلى تحليل ووصف، ومن الممكن أن تعيش دولة من الدول عشرات السنين دون أن تجد حدثًا ضخمًا مؤثرًا.
حادث حرب رمضان 1393 أكتوبر 1973 نسأل الله عز وجل أن يعيد أمثالها، كم من أبحاث وتحاليل ودراسات ووصف لهذه الحرب وهي منذ ثلاثين عامًا ولا زلنا نكتب عنها وسيكتب عنها المحللون والمؤرخون لأنه حدث كبير.
تخيل هذا الحدث وتخيل حياة النبي صلى الله عليه وسلم وفي كل عام من هجرته موقعة عسكرية ضخمة:
- 2هـ موقعة بدر.
-3هـ موقعة أحد وبني قينقاع.
- 4هـ بني النضير.
- 5هـ موقعة الخندق وبني قريظة وبني المصطلق.
إذا أحصينا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كل هذا الكم الهائل من الوقائع والأحداث فكم سنحتاج من دراسة وتحاليل لهذه الوقائع.
السيرة النبوية معين لا ينضب، وفي كل زمن ينظر المفكرون إلى هذه السيرة فيستخرجون منها الكثير مع أنه قد فكر في هذا الحدث آلاف المحللين والمفكرين قبل ذلك. لكن هذا ثراء ملحوظ في السيرة النبوية.
فما نفكر فيه هو هدف كبير، وهو إعادة بناء الأمة الإسلامية بدراسة السيرة النبوية، وأي دراسة للسيرة ستخرج منه - بلا شك - بفوائد عظيمة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassabala.yoo7.com
منتدى حسب الله
المدير
المدير
منتدى حسب الله


عدد الرسائل : 6792
الأوسمة : التاريخ الاسلامى W4
نقاط : 67290
تاريخ التسجيل : 25/04/2008

التاريخ الاسلامى Empty
مُساهمةموضوع: رد: التاريخ الاسلامى   التاريخ الاسلامى Icon_minitimeالأحد مايو 31, 2009 1:47 pm

قواعد دراسة السيرة النبوية

ولكي نستفيد من دراسة السيرة النبوية لا بد من وضع قواعد لدراسة الأحداث لكي تتم لاستفادة الكاملة من السيرة النبوية.
وهناك أربع قواعد، فحاول أن تطبق هذه القواعد الأربع على أحداث السيرة النبوية لتتبيّن حجم الاستفادة من هذه الأحداث.
- القاعدة الأولى:
لابد أن نفقه المصدر الثاني للتشريع للدين الإسلامي من خلال دراستنا للسيرة النبوية، فإن مصادر التشريع في الإسلام كثيرة وأول هذه المصادر بلا جدال هو القرآن والمصدر الثاني بلا جدال أيضًا هو السنة المطهرة. والسنة هي كل قول أو فعل أو تقرير صدر عن رسول صلى الله عليه وسلم.
والتقرير هو فعل الصحابي لأمر وافقه عليه النبي صلى الله عليه وسلم بأن استحسنه أو سكت عنه. ولن تستطيع فهم المصدر الثاني من التشريع إلا بعد دراسة مستفيضة للسيرة النبوية.

والقرآن والسنة هما مصادر التشريع الرئيسة، وهناك مصادر تشريع أخرى منها الإجماع والقياس والاستحسان والمصالح المرسلة والاستصحاب والعرف، اختلف الفقهاء في ترتيب هذه المصادر لكنهم لم يختلفوا في أن القرآن هو أول هذه المصادر والسنة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع وليس لهما بديل.
والسنة في غاية الأهمية في التشريع الإسلامي وكذلك السيرة في غاية الأهمية لفهم السنة.
فالله عز وجل يقول في كتابه:
[وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ] {النحل:44} .
فبدون السيرة وبدون السنة لن تسطيع أن تفهم القرآن الكريم نفسه. فدراستنا لموقف من مواقفه صلى الله عليه وسلم إنما هي دراسة للمصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي.
فالسيرة ليست مجرد شيء نقرأه أو نتسلى بقراءته، بل هذا هو الدين، وهذا مصدر من المصادر التشريع الإسلامي. وهذا ما سنقابل الله عز وجل به، وهو ما سيسألنا عنه يوم القيامة، فبفهمك للسيرة النبوية وتطبيقها على الوجه الأمثل تستطيع أن تقابل الله عز وجل بوجه حسن وبعمل صالح.
لكن هناك طائفة وللأسف البعض منهم مسلمين يشككون في أمر السنة ويشككون في السيرة النبوية، وتزعم أنها تكتفي بالقرآن الكريم والرسول عليه الصلاة والسلام تنبأ بهذه الطائفة في الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه:
عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ الْكِنْدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ، يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي، فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ. أَلَّا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ.
ويرد كتاب الله على هؤلاء الذين يزعمون أنهم يؤمنون بالقرآن فقط فيقول تعالى: [مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا] {النساء:80}.
[فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا] {النساء:65}
[وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا] {الحشر:7}
الصحابة ما كانوا يفرقون أبدًا بين قرآن وسنة.
قد يكون الحدث الذي تدرسه أو تقرأه عن النبي صلى الله عليه وسلم أمرًا تشريعيًا يجب عليك الأخذ به وقد يكون ترك هذا الأمر يعرضك لأن يُقال لك سحقًا سحقًا.
- القاعدة الثانية:
أن نتعرف على شخصية النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هو النبي؟
النبي صلى الله عليه وسلم هو خير البشر أجمعين خاتم المرسلين وسيد الأولين والآخِرين.
هذه الشخصية هي شخصية عظيمة بل هي أعظم شخصية وطأت قدمُها على وجه الأرض منذ خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة.
هذه الشخصية جديرة بالدراسة، وهناك أشياء عن النبي صلى الله عليه وسلم سوف نعرفها، والتي تتحدث عن جوانب متعددة ومتنوعة في حيته صلى الله عليه وسلم، لكن هناك شيء مهم لا بد أن نعرفه عن النبي صلى الله عليه وسلم ونضعه في أذهاننا بوضوح عند كل موقف من مواقفه صلى الله عليه وسلم، وهذا الأمر هو أن النبي صلى الله عليه وسلم رسول من عند رب العالمين.
شاء الله ألا يكلم عباده كفاحًا (مواجهة) في الدنيا ليكون ذلك فضلًا منه ونعيمًا لأهل الجنة في الآخرة، وشاء كذلك أن يخاطب عباده عن طريق رسول من البشر، ومن كل الخلق اختار الله سبحانه وتعالى محمدًا صلى الله عليه وسلم ليبلغ الناس عنه سبحانه وتعالى، إذن الرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحقيقة ما هو إلا ناقل عن رب العزة سبحانه وتعالى
[وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى(3)إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى] {النَّجم:3،4}
وعلى هذا القدر من الأهمية يجب أن يؤخذ حديث النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذا القدر من العظمة يجب أن تؤخذ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم. فالسيرة هي النموذج العملي التطبيقي الذي رسمه الله عز وجل لخلقه كي يقتدوا برسوله صلى الله عليه وسلم ويقلدوه.
السيرة هي الدليل في الصحراء والبوصلة في البحر، فمن أراد الوصول إلى شاطئ النجاة فلتكن السيرة هي دليله.
ومن دون السيرة سوف نفقد الوجهة الصحيحة بل نضل، ونظل نتخبط في دياجير الظلمات كحال الكثير من الناس.
لو ثبت أن هناك شيئًا فعله النبي صلى الله عليه وسلم فهو ما أراده الله منا، حتى النوافل، فقد يظن البعض أن النوافل من اختراع الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن ما فرضه لله عز وجل هو ما أوحى الله به إلى النبي صلى الله عليه وسلم من فرائض كصلاة الصبح والظهر، وأن النوافل التي تسبق هذه الفرائض أو تتأخر عنها هي اجتهاد من النبي صلى الله عليه وسلم، فالله عز وجل شرع الفريضة كصلاة الظهر فهي أربع كعات وكذلك شرع النافلة التي تسبقه أو تتأخر عنه لكن جعل هذا فرضًا وهذه نافلة وفي النهاية كل شيء مرده إلى الله، وهناك بعض المواقف التي يختار فيها النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا وكان من الأولى أن يختار شيئًا آخر فينزل الوحي ليغيّر المسار ويختار للرسول صلى الله عليه وسلم الاختيار الولى والأكمل الذي يصلح لهذه الأمة في زمانه وإلى يوم القيامة.
فدراسة السيرة من هذا المنظور تعطي للسيرة أهمية كبيرة فهي ليست دراسة لشخص عظيم أو مصلح كبير فحسب، بل هي دراسة لسيرة رسول رب العالمين، بل خير الرسل وخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
- القاعدة الثالثة:
ينبغي أن نتعلم كيف نحب الرسول صلى الله عليه وسلم، فحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب أن يفوق كل حب، وإن لم يحدث هذا الحب فهناك خلل في الإيمان، يقول صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا.
ويقول - صلى الله عليه وسلم - في حديث آخر:
لَا يُؤْمِنُ الْعَبْدُ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.
ونعرف كلنا ما دار من حوار بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال عمر بن الخطاب: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، إِلَّا مِنْ نَفْسِي. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ.
فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي.
فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْآنَ يَا عُمَرُ.
أي الآن اكتمل الإيمان، الآن اكتمل الصدق مع الله عز وجل، لن تكون صادقًا مع الله عز وجل في اتباعه وفي محبته إلا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم [قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ] {آل عمران:31}
فلا بد من وقفة مع النفس لتعرف هل تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حبًا حقيقيًا؟ أم أنك تقدم شيئًا على أوامره؟ هل لك إلى أن تقف وقفة صادقة مع نفسك؟ لتعرف إن كنت تحب الله عز وجل أم أنك مدعي لهذا الحب؟
دراسة السيرة النبوية تعين على حب النبي صلى الله عليه وسلم
إن حب النبي صلى الله عليه وسلم قضية محورية في إيمان العبد، والتعرف السطحي على شخصية ما لا يتولد عنه عميق حب، إنما التعرف على دقائق الحياة، واكتشاف جوانب العظمة المختلفة في الشخصية التي ندرسها هي التي تولد الحب في قلب الإنسان.
ولا أحسب أن إنسانًا يمتلك فطرة سليمة يسمع أو يقرأ عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يحبه، وكلما عرفته أكثر كلما أحببته أكثر وكلما أحببته أكثر كلما زاد إيمانك، فهي علاقة تفاعلية في غاية الأهمية في حياة المؤمنين.
اقرأ عن مواقف النبي صلى الله عليه وسلم، وعن معاملاته خاصة مع أهله ونسائه وبناته، كيف كان يتعامل مع أصحابه؟ وكيف كانت معاملاته مع أعدائه؟ اقرأ عن جهاده، والغزوات التي قادها صلى الله عليه وسلم، واقرأ عن صدقه، وعن أمانته، وعن شجاعته، وعن تقواه، وعن عبادته، وعن قضاءه، وعن سياسته، اقرأ عن المعاهدات التي عقدها النبي صلى الله عليه وسلم، اقرأ عن الطائف، أو عن الهجرة، أو عن بدر، أو عن أحد، أو عن فتح مكة، أو عن أي موقعة أو موقف من حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
وحتمًا ستحب النبي صلى الله عليه وسلم، بل سيتعمق هذا الحب في قلبك.
لقد عد الله محمد صلى الله عليه وسلم نعمة ومِنّة منه سبحانه وتعالى على عباده قال تعالى:
[لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ] {آل عمران:164}.
قاعدة من القواعد الهامة التي تضعها نصب عينيك وأنت تدرس السيرة النبوية، وهي أن تعمق حب النبي صلى الله عليه وسلم في نفسك، وتزرعه في قلبك، فبدون هذا الحب لن تسطيع النجاة يوم القيامة، يقول الله تعالى:
[قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ] {التوبة:24} .
فالمسألة ليست في ارتفاع الإيمان بحبه صلى الله عليه وسلم، إنما المسألة هي تهديد من الله عز وجل لمن عظم في قلبه حب المال والبنون وزينة الحياة الدنيا ونسي حب الله عز وجل أن يكون من الفاسقين...
- القاعدة الرابعة:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassabala.yoo7.com
منتدى حسب الله
المدير
المدير
منتدى حسب الله


عدد الرسائل : 6792
الأوسمة : التاريخ الاسلامى W4
نقاط : 67290
تاريخ التسجيل : 25/04/2008

التاريخ الاسلامى Empty
مُساهمةموضوع: رد: التاريخ الاسلامى   التاريخ الاسلامى Icon_minitimeالأحد مايو 31, 2009 1:48 pm

- القاعدة الرابعة:
دراسة السيرة النبوية تعلم الحكمة في أرقى صورها، فبدراستك للسيرة النبوية تستطيع أن تتعلم الحكمة من مواقفه صلى الله عليه وسلم، والحكمة هي أن تضع الشيء في نصابه، وكيف تفضل رأيًا على رأي آخر، وحياة النبي صلى الله عليه وسلم هي الحكمة بعينها، فإذا اختار صلى الله عليه وسلم أمرًا فهذا اختيار حكيم، وإذا فعل فعلًا ما فهذا الفعل هو الحكيم.

وللنبي صلى الله عليه وسلم مواقف عديدة تدل على حكمته صلى الله عليه وسلم منها:
حكمته صلى الله عليه وسلم في امتلاك القلوب:
لم يكن صلى الله عليه وسلم يمتلك قلوب أصحابه فقط، بل كان يمتلك قلوب أعدائه أيضًا، وهذا من أرقى صور الحكمة، فالقائد ينجح إذا امتلك قلوب أكثر أصدقائه، فما بالك بمن يمتلك قلوب أعدائه؟
حكمته صلى الله عليه وسلم في الاعتراف بفقه الواقع:
هذه الحكمة في منتهى الأهمية وتسمى هذه الحكمة بالمرحلية، فقد طاف صلى الله عليه وسلم حول الكعبة وبها ثلاثمائة وستون صنمًا وما رفع معولًا ليكسر صنمًا، ثم يأتي وقت لا يقبل فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن يوجد صنم واحد بجزيرة العرب، وفي فتح مكة يرسل النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا خالد ليهدم أصنام الطائف.
فبدراسة السيرة تستطيع أن تفرق بين الموقفين لتتعرف على حكمته صلى الله عليه وسلم من ذلك، وهذا لن يتأتى إلا بعد دراسة السيرة النبوية بعمق وفهم وتحليل لهذه الأحداث.
وعاش النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاث عشرة سنة وبها الرايات الحُمر المعلقة على خيام الزانيات، ولم يحطم صلى الله عليه وسلم خيمة واحدة من هذه الخيام. ويأتي زمان آخر لم يتوانى النبي صلى الله عليه وسلم عن إقامة الحد على الغامدية.
وكان صلى الله عليه وسلم في وقتٍ يعاهد اليهود وفي وقت آخر وعندما يغدرون يحاربهم.
فَلِمَ يعاهد النبي صلى الله عليه وسلم في وقت الحرب، ولِمَ يحارب في وقت المعاهدة.
وقد يتخذها البعض ذريعة لمعاهدة اليهود دون دراسة أو تحليل لمواقف النبي صلى الله عليه وسلم فقد يعاهد ويصالح في وقت الحرب.
ولن نعرف كل هذه الأشياء إلا بدراسة سيرته صلى الله عليه وسلم جيدًا لنعرف كيف نتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يكف يده يومًا عن القتال، ثم يأتي يوم يقاتل من قاتله ويوم يقاتل كل الكفار.
يومًا يمر النبي صلى الله عليه وسلم على آل ياسر وهم يعذبون في الله وهذا التعذيب قد أفضى بحياة ياسر وسمية فيقول لهم النبي صلى الله عليه وسلم: صَبْرًا آلَ يَاسِرٍ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمْ الْجَنَّةُ. لم يرفع النبي سيفًا ليقاتل أبا جهل الذي كان يعذبهم، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أحدًا من أصحابه الأشداء الفرسان المعروفين لم يأمرهم بقتل أبي جهل وأبي سفيان وأبي لهب، وعندهم ما يبرر ذلك.
لكن في يوم آخر يجهّز النبي صلى الله عليه وسلم جيشًا ويحاصر بني قينقاع لأنهم قتلوا رجلًا مسلمًا بعد أن كشفوا عورة امرأة مسلمة.
ولقد سّيَّرَ النبي صلى الله عليه وسلم جيشًا لقتال الروم هذه الدولة العظمى لقتلهم رجلين من المسلمين، لكن هذا زمن وزمن مكة شيء آخر.
وأول العهد في المدينة غير آخر العهد فيها، وغزوة بدر تختلف اختلافًا تامًا عن غزوة أحد.
لا بد - إذن - من دراسة الظروف والملابسات الخاصة بكل موقف وأنت تدرس مواقف السيرة النبوية، وبذلك تستطيع أن تفهم حكمته صلى الله عليه وسلم في فقه الواقع.
التدرج:
ومن حكمته صلى الله عليه وسلم اتباع سياسة التدرج في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي التربية.
كانت الخمر من القضايا الشائكة عند المسلمين ولم يحمل الناس على تركها مرة واحدة بل كان التدرج هو السمة الأساسية في تحريمها.
وكذلك حرم الربا، وكذلك كان أمر الناس بالجهاد، فكان التدرج هو العامل الرئيسي في كل هذا الشيء.
الوسطية:
من نعم الله على هذه الأمة أن جعلها أمة وسطا كما أخبر في كتابه فقال تعالى: [وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا] {البقرة:143}.
فلا إفراط ولا تفريط في أي أمر من أمور الدين، وكذلك كان منهج النبي صلى الله عليه وسلم.
وتعددت التعريفات للإفراط والتفريط وكل له تعريف، والمقياس في كل هذا هو سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك مثلًا أمر الزواج فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بالزواج وحض عليه، وتزوج، ولكن الزواج لا يلهي عن الدعوة، أو عن الجهاد في سبيل الله، أو عن النفقة في سبيل الله، فهذا التوازن نتعلمه من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
والتوازن في العمل نتعلمه من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فأي عمل مشروع من أعمال الدنيا يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم، ويبارك صلى الله عليه وسلم اليد الخشنة، ولكن بدون إفراط أو تفريط حتى لا يضيع حق الله تعالى وحق العباد وحق الأهل وحق الأمة.
ونتعلم من سيرته صلى الله عليه وسلم التوازن في الطعام فقد ذكرنا آنفًا أنه يمر الهلال ثم الهلال، ولا يوقد في بيت النبي صلى الله عليه وسلم نار. ولكن إذا حضر الطعام أكل صلى الله عليه وسلم من أطيبه.
وكان صلى الله عليه وسلم يصلي وينام ويصوم ويفطر.
وما حديث الثلاثة نفر ببعيد فيقول أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا، فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا. وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ. وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ، فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي.
فالوسطية كمنهج عملي في حياة الأمة تراها واضحة تمامًا في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي كل موقف من مواقف سيرة النبي صلى الله عليه وسلم علينا أن نضع نصب أعيننا هذه القواعد الأربع التي فصلناها سابقًا. وهي
1- أن نفهم أن هذا الموقف قد يكون من المواقف التشريعية، والعلماء لهم دور كبير في استنباط الأحكام من السيرة النبوية.
2- ندرك أنه رسول ولا يخطو خطوة إلا بوحي من الله عز وجل أو تعديل من الوحي.
3- أن نتعلم كيف نحب النبي صلى الله عليه وسلم من كل موقف من مواقف حياته صلى الله عليه وسلم.
4- أن نتعلم الحكمة في اختياره للآراء، وفي اختياره للأفعال في أثناء السيرة النبوية من أولها إلى آخرها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassabala.yoo7.com
منتدى حسب الله
المدير
المدير
منتدى حسب الله


عدد الرسائل : 6792
الأوسمة : التاريخ الاسلامى W4
نقاط : 67290
تاريخ التسجيل : 25/04/2008

التاريخ الاسلامى Empty
مُساهمةموضوع: رد: التاريخ الاسلامى   التاريخ الاسلامى Icon_minitimeالأحد مايو 31, 2009 1:49 pm

المراجع التي ندرس من خلالها السيرة النبوية

هناك الآلاف من الكتب التي كتبت عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعن صحابته - رضوان الله عليهم - وعن حياته بصفة عامة.
وهذه بعض ما اعتمدت عليه في دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم:
أولًا: كتب التفاسير منها:
تفسير ابن كثير.
تفسير القرطبي.
في ظلال القرآن
ثانيًا: كتب الأحاديث وشروحها:
وكثيرًا ما يغفل عنها بعض دارسي السيرة النبوية.

ومن كتب الحديث التي يمكن الاستفادة منها كثيرًا في دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
1- صحيح البخاري.
2- فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر.
3- صحيح مسلم.
4- شرح صحيح مسلم للنووي.
وكذلك سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، ومسند الإمام أحمد بن حنبل.
ثالثًا: كتب السيرة ومنها:
1- سيرة ابن هشام، وهناك بعض المواقف غير موثقة في سيرة ابن هشام لذلك لابد من دراسة بعض الكتب المحققة ككتاب صحيح سيرة ابن هشام للأستاذ فتحي مجدي السيد.
2- كتاب صحيح السيرة النبوية لإبراهيم العلي.
3- كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم.
4- كتاب السيرة النبوية لابن كثير.
5- كتاب الرحيق المختوم للمباركفوري.
6- كتاب السيرة النبوية للصلابي.
7- الأساس في السنة لسعيد حوى.
8- فقه السيرة للبوطي.
9- فقه السيرة للغزالي.
10- المنهج الحركي للسيرة النبوية لمنير الغضبان.
11- السيرة النبوية دروس وعبر لمصطفى السباعي.
12- موسوعة سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد للإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي.
13- موسوعة السيرة النبوية للأستاذ حمزة النشرتي وآخرين.
14- كتاب دراسة في السيرة للدكتور عماد الدين خليل.
15- كتاب شعاع من السيرة النبوية للدكتور راجح عبد الحميد.
هذه بعض الكتب التي رجعت إليها في دراسة السيرة النبوية وهناك كتب أخرى في التاريخ وكتب عن الصحابة.
وهناك بعض الأحداث رجعت فيها إلى كتب الفقه وكتب العقيدة وكتب التزكية والأخلاق إلى غير ذلك من الكتب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassabala.yoo7.com
منتدى حسب الله
المدير
المدير
منتدى حسب الله


عدد الرسائل : 6792
الأوسمة : التاريخ الاسلامى W4
نقاط : 67290
تاريخ التسجيل : 25/04/2008

التاريخ الاسلامى Empty
مُساهمةموضوع: رد: التاريخ الاسلامى   التاريخ الاسلامى Icon_minitimeالأحد مايو 31, 2009 1:49 pm

منهجنا في دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم

وفي دراستنا للسيرة النبوية نعتمد ونتحرى الصحيح قدر المستطاع في الأحداث، ولا نعتمد على بعض الأحداث التي قد تكون شيقة، ولكنها ليست صحيحة لأننا نهدف من وراء دراسة السيرة النبوية أن نخرج بقواعد عامة لبناء الأمة الإسلامية فلا بد أن نعتمد على الصحيح.
وكثير من العلماء تناول سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من جانب معين كأن يتناول الجانب الخُلقي للنبي صلى الله عليه وسلم، أو الجانب الفقهي، أو يدرس جوانب الإعجاز في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
لكننا هنا سيكون كل اهتمامنا أن نستنبط القواعد الهامة في بناء الأمة الإسلامية.
ونهتم بالأحداث التي تشبه واقعنا المعاصر، وقد نسهب في تحليل حدث ما يظنه البعض صغيرًا، وقد لا نقف مع حدث آخر يظنه البعض أنه حدث كبير. ولا نغفل هذه الأحداث تقليلًا لأهميتها ولكن هناك منظور نسير به.
وسيكون كلامنا من بداية البعثة لا من مولده صلى الله عليه وسلم؛ لأننا كما ذكرنا نهتم بالأشياء الهامة في التشريع الإسلامي، والتشريع لم يبدأ إلا ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassabala.yoo7.com
منتدى حسب الله
المدير
المدير
منتدى حسب الله


عدد الرسائل : 6792
الأوسمة : التاريخ الاسلامى W4
نقاط : 67290
تاريخ التسجيل : 25/04/2008

التاريخ الاسلامى Empty
مُساهمةموضوع: رد: التاريخ الاسلامى   التاريخ الاسلامى Icon_minitimeالأحد مايو 31, 2009 1:57 pm

ثانيا: من الظلمات إلى النور
مقدمة

بداية قد نتساءل: لماذا الحديث عن الفترة السابقة للإسلام؟
والإجابة: لأنك لن تدرك قيمة النور إلا إذا عرفت الظلام، وفي هذا المجال تكفينا الإشارة إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه، والذي يوضح حال الأرض قبل بعثته صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. فقد وصل حال الناس إلى درجة من الانحطاط جلبت عليهم مقت الله سبحانه وتعالى، والمقت هو شدة الكراهية.
واستخدام الرسول صلى الله عليه وسلم للتعبير بكلمة (بقايا) يوحى بالأثرية، أي كأنهم آثار من عهود سحيقة لا قيمة لها في واقع الناس، ومن جانب آخر فإنّ هذه البقايا لم تشكل مجتمعات كاملة، بل كانت أفرادًا معدودين: رجلا في مدينة ما، وآخر في مدينة ثانية تبعد عن الأولى مئات الأميال، وهكذا.
إذن تعالوا نخترق حدود الزمان والمكان:
ـ نخترق حدود الزمان لنصل إلى ما قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ـ ونخترق حدود المكان لنصل إلى كل بقعة على الأرض كانت تعاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونتجول بين الشرق والغرب لنطالع أحوال الناس والملوك، والأخلاق والطباع، ونكتشف حقيقة ما سمي بالحضارات في ذلك الزمن.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassabala.yoo7.com
منتدى حسب الله
المدير
المدير
منتدى حسب الله


عدد الرسائل : 6792
الأوسمة : التاريخ الاسلامى W4
نقاط : 67290
تاريخ التسجيل : 25/04/2008

التاريخ الاسلامى Empty
مُساهمةموضوع: رد: التاريخ الاسلامى   التاريخ الاسلامى Icon_minitimeالأحد مايو 31, 2009 1:58 pm

أولا: الوضع في ممالك العالم المختلفة

1ـ الوضع في الدولة الرومية:

الدولة الرومية دولة مترامية الأطراف، كانت تشغل ثلاثة أرباع قارة أوروبا تقريبًا، وقد أنزل الله عز وجل سورة في القرآن تبدأ بذكر هزيمة الروم من الفرس ثم انتصارهم عليهم، وسماها سورة الروم، هذه الإمبراطورية الضخمة كانت منقسمة إلى قسميْن رئيسيْن:
*الدولة الرومية الغربية وعاصمتها (روما) وكانت قد سقطت.
*الدولة الرومانية الشرقية وعاصمتها (القسطنطينية)، وهي التي حملت لواء النصرانية في العالم وقتها، وكان ملكها هو القيصر هرقل (والقيصر لقب لإمبراطور القسطنطينية).
(أ)ـ الحالة الدينية:
- مزقت الخلافات العقائدية بين طوائف النصارى أواصر هذه الدولة، فقد كانت خلافاتهم بشعة، فالخلاف بين المذهب الأرثوذكسي والكنيسة الشرقية من ناحية، والمذهب الكاثوليكي والكنيسة الغربية من ناحية أخرى كان خلافًا حادًا أسفر عن حروب مدمرة قتل فيها عشرات الآلاف.
بل في داخل الدولة الرومانية الأرثوذكسية الشرقية ذاتها اشتعلت الخلافات العقيمة بين طائفة الملكانية (وهم على مذهب الملك) وتعتقد بازدواجية طبيعة المسيح، أي أنّ له طبيعتين: بشرية وإلهية، وطائفة المنوفيسية وهم أهل مصر والحبشة ويعتقدون بطبيعة إلهية واحدة للمسيح، وكانت طائفة الملكانية تقوم بتعذيب للطائفة الأخرى تعذيبًا بشعًا، فيحرقونهم أحيانًا، ويغرقونهم أحيانًا أخرى، مع أنهم جميعًا أبناء مذهب واحد هو الأرثوذكسية.
وهذه الخلافات العقائدية ما زالت مستعرةً حتى الآن، فكل طائفة قد يختلف كتابها المقدس عن الأخرى في أجزاء، كما أن لكل طائفة كنائسها التي لا تسمح لأبناء الطائفة الأخرى بالصلاة فيها، ولهذا كله كان الفتح الإسلامي لمصر يشكل لأقباطها خلاصًا من اضطهاد وتعذيب الدولة الرومانية لهم، فقد رحمهم المسلمون من هذا الاضطهاد وتركوا من شاء منهم على دينه.
ـ البابا في إيطاليا كان الناس يسجدون له، ويقبلون قدمه حتى يأذن لهم بالقيام، كما في المسالك والممالك للبكري رحمه الله.
(ب)ـ الحالة الأخلاقية:
ـ أصيبت الدولة الرومانية بانحلال خلقي عظيم، نتج عن تأخر سن الزواج بسبب تركز الثروات الضخمة في أيدي قلّة قليلة من أولي النفوذ، بينما يعيش الشعب في فقر شديد، فلم يعد الشباب يملك ما يتزوج به، فانصرف إلى الزنا، والعلاقات المشبوهة، وفضل العزوبة على الزواج.
ـ أصبحت الرشوة أصلا في التعامل مع موظفي الدولة، لإنجاز أي عمل أو الحصول على أي حق.
ـ الوحشية في الطباع: وقد تمثل ذلك في لهوهم، وفي حروبهم على السواء:
ففي اللهو كان من وسائل التسلية لديهم: صراع العبيد مع الوحوش المفترسة في أقفاص مغلقة، بينما يستمتع الأمراء والوزراء بمشاهدة الوحوش وهي تفترس العبيد.
وفي حروبهم: كانوا يتعاملون مع عدوهم بهمجية ووحشية، فعلى سبيل المثال: في عهد الإمبراطور (فسبسيان)، حاصر الرومان اليهود في القدس - وكان اليهود يسمونها أورشليم - لمدة خمسة أشهر، انتهت في سبتمبر سنة(70) ميلادية، ثم سقطت المدينة في أشد هزيمة مهينة عرفها التاريخ. لماذا نسميها مهينة ؟
لأن الرومان أمروا اليهود أن يقتلوا أبناءهم ونساءهم بأيديهم وقد استجاب اليهود لهم من شدة الرعب، وطمعًا في النجاة فهم أحرص الناس على حياة ولو كانت حياة ذليلة مهينة، ثم بدأ الرومان يجرون القرعة بين كل يهوديين، ومن يفوز بالقرعة يقوم بقتل صاحبه، حتى أبيد اليهود في القدس عن آخرهم، وسقطت دولتهم، ولم ينج منهم سوى الشريد وأولئك الذين كانوا يسكنون في أماكن بعيدة.
(ج)ـ الحالة الاجتماعية:
ـ فرضت الدولة الضرائب الباهظة على كل السكان البلاد، وكان أكثرها وأثقلها على الفقراء دون الأغنياء.
ـ كان المجتمع الروماني ينقسم إلى أحرار وهم السادة، وعبيد وهم ثلاثة أضعاف الأحرار من حيث العدد، ولا يتمتعون بأية حقوق بل مصيرهم في أيدي سادتهم، كما أنهم ليس لهم أي احترام وسط المجتمع، لدرجة أن الفيلسوف (أفلاطون) صاحب فكرة المدينة الفاضلة (يوتوبيا) كان يرى أنه يجب ألا يعطى العبيد حق المواطنة.
2ـ الوضع في الدولة الفارسية:
كان الوضع في تلك الدولة يمثل مأساة حضارية بكل المقاييس في كل الجوانب الأخلاقية، والاجتماعية، والدينية على السواء:
(أ)ـ الحالة الأخلاقية:
ـ انتشر الانحلال الأخلاقي، حتى سقط الفرس في مستنقع زواج المحارم فـ (كسرى يزدجرد الثاني) كان متزوجًا من ابنته ثمّ قتلها، وتزوج (بهرام جوبين) بأخته، ومنهم من تزوج أمه، ولم يكن هذا الداء منتشرًا في الأمم في ذلك العصر، بل كان مستقبحًا، وكانت كل المجتمعات تستنكر على الفرس نكاحهم المحارم.
ـ في عهد (قباذ) ظهر رجل يذكر في الفلاسفة، بينما هو في الواقع مصيبة وكارثة ضربت الفرس في مقتل، فقد قال: إنّ الناس سواسية في كل شيء، وهذه الكلمة ظاهرها طيب، ولكنّ باطنها خبيث، فهو لم يدع إلى المساواة في الحقوق والواجبات، والمعاملات والاحترام، بل دعا إلى اشتراك الناس في المال والنساء، أي هم متساوون في ملكية هذين الشيئين، فهي في حقيقتها دعوة شيوعية خبيثة.
فأصبح الرجل القويُّ يدخل على الرجل الضعيف بيته، فيغلبه على ماله وزوجته، والضعيف لا يستطيع أن يعترض، فقد صارت الشيوعية دينًا لهم، وليس هناك احترام للملكية الخاصة، فامتنع الناس عن العمل، لعدم استفادتهم بما يكسبونه من أجر، وعمّت السرقات التي صارت الطريق الأسهل للحصول على المال، وباركها (كسرى قباذ) الذي كان يرى ذلك دينًا، وفسد الناس كلهم أجمعون.
قارن هذا الموقف بموقف رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتَ يَدَهَا.
(ب)ـ الحالة الاجتماعية:
ـ تقديس الأكاسرة: فقد كانوا يعتقدون أن الأكاسرة تجري بعروقهم دماء إلهية، وأنهم فوق البشر، وفوق القانون، فكانوا يعظمونهم؛ فكان الرجل إذا دخل على كسرى ارتمى ساجدًا على الأرض، فلا يقوم حتى يؤذن له.
ـ كانوا يقفون أمام كسرى حسب طبقاتهم، فأقرب الناس إليه هم طبقة الكهَّان، والأمراء والوزراء، وهؤلاء يقفون على مسافة خمسة أمتارٍ منه، ومن هم أقل منهم فكانوا يقفون على مسافة عشرة أمتار من كسرى.
ـ كانوا يضعون على أفواههم غلالة من القماش الأبيض الرقيق إذا دخلوا على كسرى حتى لا يلوثوا الحضرة الملكية بأنفاسهم.
يفعلون ذلك بينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استقبله رجل فصافحه لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل ينزع، ولا يصرف وجهه عن وجهه حتى يكون الرجل هو الذي يصرفه، ولم ير مقدمًا ركبتيه بين يدي جليس له (أي يتواضع لجليسه فلا يمد رجله أمامه).. روى ذلك الترمذي وابن ماجة عن أنس رضي الله عنه.
ـ كانت مكانة الإنسان في المجتمع الفارسي تخضع لنظام شديد الطبقية، وفيه مهانة كبيرة للإنسانية فكان المجتمع مقسمًا إلى سبع طبقات:
*طبقة الأكاسرة: وهي أعلى الطبقات وأرقاها.
*طبقة الأشراف: وهي سبع عائلات لا يتخطاها الشرف إلى غيرها.
*طبقة رجال الدين.
*طبقة قواد الجيش رجال الحرب.
*طبقة المثقفين: من الكُتاب والأطباء والشعراء (لذا ليس مستغربًا أن يعم الجهل، وتنتشر الخرافات في المجتمع، ما دام أهل العلم في المؤخرة).
*طبقة الدهاقين: وهم رؤساء القرى، وجامعوا الضرائب.
*عامة الشعب: وهم أكثر من 90% من مجموع سكان فارس من العمال والفلاحين، والتجار والجنود والعبيد، وهؤلاء ليس لهم حقوق بالمرة، لدرجة أنهم كانوا يربطون في المعارك بالسلاسل، ففي موقعة (الأُبلَّة) أولى المواقع الإسلامية في فارس بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه كان الفُرس يربطون ستين ألفًا من الجنود بالسلاسل كي لا يهربوا: كل سلسلة تضم عشرة جنود، كيف يستطيع هؤلاء في سلاسلهم أن يحاربوا قومًا وصفهم خالد بن الوليد رضي الله عنه في رسالته إلى زعيم الأبلة بقوله:
جئتكم برجال يحبون الموت، كما تحبون أنتم الحياة.
(ج)ـ الحالة السياسية:
كان الملك في فارس مقتصرًا على بيت واحد فقط هو البيت الساساني، فإذا لم يجدوا رجلا يولونه عليهم من آل ساسان، ولوا أمرهم طفلا صغيرًا كما فعلوا مع (أزدشير بن شيرويه) سبع سنوات، وإن لم يجدوا طفلا ولوا أمرهم امرأة كما حدث مع (بوران بنت كسرى).
(د)ـ الحالة الدينية:
ـ كانت الديانة السائدة في فارس هي عبادة النار، وهي ديانة (زرادشت)، وهو الذي دعا إلى تقديس النار، وقال: إنّ نور الإله يسطع في كل ما هو مشرق ملتهب، وحرّم الأعمال التي تتطلب نارًا، فاكتفى بالزراعة والتجارة فقط (وقد عدّه صاحب كتاب الخالدون مائة وأعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم من الخالدين، فجعله في المرتبة التاسعة والثمانين)، لأن ديانته محلية بينما ديانة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وديانة المسيح عليه السلام عالمية، وفي الحقيقة هذا ميزان قبيح، لأنه يجمع الأنبياء العظام الموحى إليهم مع كذاب وضّاع، ألف دينا، وخرج به على الناس.
ولمّا كانت النار لا توحي إلى عبادها بشريعة، ولا تضع لهم منهاجًا، فقد شرع الناس لأنفسهم حسبما تريد أهواؤهم، وعمَّ الفساد كل شيء في فارس.
يذكر المؤرخ الفرنسي (رينو) حال أوروبا قبل الإسلام، فيقول : طفحت أوروبا في ذلك الزمان بالعيوب والآثام، وهربت من النظافة والعناية بالإنسان والمكان، وزخرت بالجهل والفوضى والتأخر، وشيوع الظلم والاضطهاد، وفشت فيها الأمية.
فقد عَمَّ الجهل حتى صار مَدعاةً للفخار فكان الأمراء يفتخرون بأنهم لا يستطيعون القراءة (قارن هذا بدين كانت أولى كلماته: اقرأ)، ويكمل (رينو) عن أوروبا أنها: كانت مسرحًا للحروب والأعمال الوحشية.
ويقول (جوستاف لوبون) في كتابه (حضارة العرب):
لم يبد في أوروبا بعض الميل إلى العلم إلا في القرنين: الحادي عشر والثاني عشر من الميلاد (يعني القرنين: الرابع والخامس الهجريين) وذلك حين ظهر فيهم أناس أرادوا أن يرفعوا أكفان الجهل، فولوا وجوههم شطر المسلمين الذين كانوا أئمة وحدهم.
ويصف مؤرخ أندلسي اسمه (صاعد) (توفي في القرن الخامس الهجري عام 462 هـ في طليطلة) ألف كتاب (طبقات الأمم) يذكر فيه أحوال البلاد في زمانه، فيصف فيه حال البلاد الشمالية في أوروبا (أي إسكندنافيا): الدانمارك والسويد والنريج وفنلندا، قال: هم أشبه بالبهائم منهم بالناس، وقد يكون ذلك من إفراط بُعد الشمس عن رءوسهم، فصارت- لذلك- أمزجتهم باردة، وأخلاقهم فجة رديئة، وقد انسدلت شعورهم على وجوههم، وعدموا دقة الأفهام، وغلب عليهم الجهل والبلادة وفشت فيهم الغباوة.
وهذا هو الرَّحَّالةُّ الأندلسي (إبراهيم الطرطوشي) يصف أهل (جليقية) في شمال إسبانيا بأنهم أهل غدر ودنائة أخلاق لا يتنظفون ولا يغتسلون في العام إلا مرةً أو مرتين بالماء البارد، ولا يغسلون ثيابهم منذ يلبسونها إلى أن تنقطع عليهم، ويزعمون أن الوسخ الذي يعلوهم من عرقهم تصحُّ به أبدانهم (ولست أدري كيف كانوا يتحملون رائحة أنفسهم ومن حولهم) وثيابهم أضيق الثياب، هي فرجة مُفَتَّحةُ، يبدو منها أكثر أبدانهم.
قارن بين هذا وبين دين يأمر بالوضوء خمس مرات في اليوم، وبالاغتسال من الجِنَابة، ويوم الجمعة، وفي الأعياد، ويأمر باجتناب صلاة الجماعة، وهي من أشرف العبادات إذا كنت آكلا لبصلٍ أو ثومٍ.
ويصف البكري صاحب المسالك والممالك (توفي عام 487هـ) حال الروس، فيقول: فيها منطقة تسمى أوثان لهم ملك (منطقة كبيرة) لا أحد يعلم عن حالها من الداخل شيئًا لأن كل من وطئ أرضهم من الغرباء قتل.
قارن هذا مع دين الإسلام الذي جاء في هذه الفترة يقول للمؤمنين به:
[وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ] {التوبة:6} .
ويخبرنا ـ أيضًا ـ عن بعض أصناف الصقالبة سكان المناطق الشمالية في أوروبا، فيقول: لهم أفعال مثل أفعال الهند، فيحرقون الميت عند موته، وتأتي نساء الميت يقطعن أيديهن ووجوههن بالسكاكين، وبعض النساء المحبات لأزواجهن يشنقن أنفسهن على الملأ، ثم تُحرق الجثة بعد الموت، وتوضع مع الميت.
ويروي ابن فضلان الرَّحَّالة المسلم في القرن الرابع الهجري ما شاهده بنفسه من موت أحد السادة في أوروبا، فجاءوا بجاريته لتموت معه، فشربت الخمر ورقصت، وقامت بطقوس معينة، ثم قيدوها بالحبال من رقبتها، ثم أقبلت امرأة عجوز يسمونها: ملك الموت، وبيدها خنجر كبير، ثم أخذت تطعنها في صدرها بين الضلوع في أكثر من موضع، والرجال يخنقونها بالحبل حتى ماتت، ثم أحرقوها، ووضعوها مع سيدها الميت، وهم بهذا يظنون أنهم يوفون السيد حقه من التكريم.
قارن هذا مع ما جاء به الإسلام عن الرقيق، حتى تعرف دينك: جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهَ أَوْ ضَرَبَهُ فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يَعْتِقَهُ.
وسواء كان هذا الأمر بالعتق على سبيل الوجوب أو على سبيل الاستحباب، فهذه هي نظرة الإسلام السامية لمعاملة الرقيق، وحتى في الحديث عنهم يراعي الإسلام مشاعرهم جاء في صحيح مسلم ـ أيضًا ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وَأَمَتِي، كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ، وَكُلُّ نِسَائِكُمْ إِمَاءُ اللَّهِ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ غُلُامِي وَجَارِيَتِي، وَفَتَايَ وَفَتَاتِي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassabala.yoo7.com
منتدى حسب الله
المدير
المدير
منتدى حسب الله


عدد الرسائل : 6792
الأوسمة : التاريخ الاسلامى W4
نقاط : 67290
تاريخ التسجيل : 25/04/2008

التاريخ الاسلامى Empty
مُساهمةموضوع: رد: التاريخ الاسلامى   التاريخ الاسلامى Icon_minitimeالأحد مايو 31, 2009 2:00 pm

4ـ الوضع في مصر:
لقد كانت مصر محتلةً من الرومان منذ هزيمة (كليوباترا) على يد (أوكتافيوس) سنة 31 قبل الميلاد، وكان الاحتلال من قبل الدولة الرومانية الغربية في عهد (أوغسطس قيصر)، وعندما سقطت الدولة الرومانية الغربية سنة 476 ميلادية (أي قبل ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم بحوالي مائة عام آلت أملاك الدولة الرومانية الغربية إلى الدولة الرومانية الشرقية، فماذا كان الرومان من الغربيين ثمّ الشرقيين يفعلون في أهل مصر:

ـ تحولت مصر إلى مخزن يُمد الإمبراطورية الرومانية باحتياجاتها من الغذاء.
ـ حدث تدهور شديد في مصر اقتصاديًا وعلميًا واجتماعيًا.
ـ فقد المصريون السلطة بكاملها في بلادهم، وإن كان الرومان قد حرصوا على أن يتركوا بعض الرموز المصرية كصورة فقط، وذلك لتجنب ثورة الشعب.
ـ تمّ فرض الضرائب الباهظة جدًا بمختلف أنواعها على الشعب المعدم فمنها:
*ضرائب عامة على الشعب.
*ضرائب على الصناعات.
*ضرائب على الأراضي.
*ضرائب على الماشية.
*ضرائب على المبيعات.
*ضرائب على أثاث المنازل.
*ضرائب على المارة من أجل عبور المصري من مكان إلى مكان.
*وتجاوزت الضرائب الأحياء ـ في سابقة تاريخية ـ إلى الأموات، فلم يكن يسمح بدفن الميت إلا بعد دفع ضريبة معينة (مثل ضريبة التركات، وكأنه لا يكفيهم مصيبة الموت).
ـ وفوق كل ذلك الضغط المادي كان التعذيب لأجل المخالفة في المعتقد الديني المذهبي، وإن كان الجميع ـ كما ذكرنا ـ تحت مظلة النصرانية الأرثوذكسية.
5ـ الصين:
وجد في الصين ثلاث ديانات هي:
1ـ ديانة لاتسو: وقد وضع (لاتسو) هذا ديانة سلبية وغير عملية، فهي تدعو إلى: البعد الكامل عن النساء، والزهد الكامل في الدنيا، والانعزال الكامل عن المجتمع.
2ـ ديانة كونفوشيوس: ويعدونه من كبار الفلاسفة والحكماء الصينين، وديانته مادية بحتة، حيث تعني بقوانين وقواعد وتجارب، وتشير إلى أن الحياة بصفة عامة شيء بائس، أما من ناحية العبادة فلك أن تعبد ما تشاء: شجرًا، أو نهرًا، أو أيًا ما كان.
3ـ ديانة بوذا: وبوذا معدود أيضًا من كبار الفلاسفة والحكماء وشريعته الوضعية تدعو إلى تعاليم أخلاقية معينة، ولكنها ـ أيضًا ـ تدعو إلى الإنعزال عن المجتمع، والزهد في الحياة، وقد تحول بوذا مع مرور الوقت من حكيم ومشرّع وضعيٍّ إلى معبود لبعض أهل الصين، وصنعت له التماثيل، وظل يعبد على مدار السنين حتى الآن.
ـ هؤلاء الثلاثة وضعهم مؤلف كتاب (الخالدون مائة.. وأعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم) من القائمة، فجعل كونفوشيوس السادس، وبوذا الخامس، بل إنه لم يتردد أن يقول في وقاحة شديدة: إنّ بوذا يستحق أن يتصدر قائمة الخالدين، ويسبق محمدًا صلى الله عليه وسلم، وعيسى (عليه السلام) لولا أن أتباع (بوذا) الآن أقل من أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعيسى عليه السلام وهذا منطق معوج لا يستقيم مع الفكر السليم، ولا مع منهج الكاتب الذي اختطه لنفسه في كتابه، وهو أن يصنف الخالدين بحسب تأثيرهم في حركة التاريخ وفي مجتمعاتهم، وليس الإيمان بشريعة تدعو إلى الإنعزال عن المجتمع مما يغير في حركة الحياة على عكس ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم من تقويم لحركة التاريخ، وتصحيح لمسار أمم بأكملها، ورغم ذلك ما زال منا من يعتقد أنّ هذا الكتاب منصف في حق رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم.
6ـ الهند:
تميزت الهند بعدة ظواهر، منها:
1ـ كثرة المعبودات والآلهة، فكل شيء من الممكن أن يعبد في الهند، فهناك تماثيل لكل شيء، قد يعبدون الأشخاص، والجبال، والأنهار كنهر الكنج الذي يقدسونه، ويعبدون المعادن، ومن أشهر المعادن التي عبدوها : الذهب والفضة، ويعبدون آلات الحرب كالسيف والدّرع، ومنهم من يعبد آلات الكتابة كالقلم والأوراق، وكذلك الأجرام الفلكية، والحيوانات وأكثر حيوان عُبد وعظم في الهند هو البقرة وما زالت إلى الآن، ومن المؤسف أن تجد من الهنود علماء في الكمبيوتر والذرة يعبدون بقرة.
وقد عبد الهنود حيوانات كثيرة، حتى أنّ بلادهم أصيبت ذات مرة بمجاعة شديدة نتيجة التهام الفئران التي يعبدونها للمزروعات والمحاصيل.
2ـ الشهوة الجنسية الجامحة: فهم يدَّعون تزاوج الآلهة، كما عبدوا أعضاء التناسل، وتوَّجوا ذلك بارتكاب الكهنة لأبشع الفواحش في معابدهم، وكانوا يعتبرون هذه الفواحش من الدين، أي أنهم كانوا يتقربون لآلهتهم بارتكاب هذه الفواحش.
3ـ الطبقية البشعة: قسّم الهنود المجتمع أربع طبقات هي:
* طبقة البراهمة وهم الكهنة والحكام.
* طبقة شترى وهم رجال الحرب.
* طبقة ويش وهم التجار والزراع.
* طبقة شودر وهم المنبوذون: وهم بحسب التقسيم أحط من البهائم، وأذل من الكلاب ويصرح القانون بأنه من سعادة شودر أن يقوموا بخدمة البراهمة دون أجر.
قارن هذا بما رواه ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ.
كما أن ليس لطبقة شودر أن يقتنوا مالا، فإن ذلك يؤذي البراهمة، وإذا همّ شودري أن يضرب برهمي قطعت يده، وإذا همّ بالجلوس إليه كُوِي استه بالنار، ونُفى خارج البلاد، وإذا سبّه أقتلع لسانه، وإذا ادعى أنه يعلمه شيئًا سُقى زيتًا مغليًا، وكفّارة قتل الكلب والقطة والضفدعة والبومة مثل كفارة قتل الشودر سواء بسواءٍ.
والأنكى من ذلك أنّ من كان في طبقة من الطبقات لا يستطيع أن يرتقي للطبقة الأعلى مهما اكتسب من علم أو مال أو جاه.
ـ المرأة في المجتمع الهندي:
كانت المرأة ـ أحيانًا ـ يكون لها أكثر من زوج، وهي في منزلة الأمة حتى لو كانت زوجة لشريف.
وكان الرجل إذا قامر فخسر ماله، يقامر على امرأته وقد يخسرها فيأخذها الفائز، ويجب أن تقارن هذا بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم:
اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا.
النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ.
خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ.
ـ وكان من عادة الهنود أن يحرقوا الزوجة مع زوجها عندما يموت ويدفنوها معه، وإذا لم تفعل المرأة ذلك تبقى أمَةً في بيت زوجها الميت، وتصبح عُرضَةً للإهانات والتجريح كل يوم إلى أن تموت.
7ـ اليهود:
عاش اليهود مضطهدين في آسيا وأوروبا وكل مكان وقد تركزوا بالشام في هذا الوقت، ولم يكن لأحدٍ من الناس بمعاشرتهم طاقة.
فهم في لحظات الضعف يبدون الخنوع والنفاق والدّس والوقيعة والكيد والكذب، وفي لحظات القوة يبدون التجبر والتكبر والظلم والوحشية والربِّا.
ففي سنة (610) ميلادية، انتصر الفرس على الروم [غُلِبَتِ الرُّومُ] {الرُّوم:2} ، فانقلب اليهود على نصارى الشام، وقد ضعفت جيوش الروم هناك، فخرَّبوا الكنائس، وقتلوا الرهبان، وظهرت لهم شوكة وتكبر لعدة سنوات.
ثم انتصر الروم على الفرس [وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ] {الرُّوم:3}، فذهب اليهود إلى هرقل، وتذلّلوا له، وأظهروا الانصياع الكامل له، والتبعية لحكومته، فقبل منهم،وأعطاهم العهد بالأمان، ولكن أتى رهبان الشام، فذكروا لهرقل ما فعله اليهود وقت هزيمة الروم، فغضب هرقل وأراد معاقبة اليهود، ولكن منعه العهد الذي أعطاه إياهم، فجاء رهبان النصارى وقالوا لهرقل: لا عليك من العهد، اقتلهم وسنصوم عنك جمعة كل سنةٍ أبد الدّهر.
وهؤلاء هم رفقاء السوء، وبطانة السوء، فقبل هرقل وعذب اليهود عذابًا شديدًا حتى لم يفلت إلا الذي هرب من الشام.
فقد كان العداء واضحًا وشديدًا بين اليهود والنصارى منذ ادعى النصارى أنً اليهود صلبوا السيد المسيح عليه السلام، وقتلوه [وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ] {النساء:157} ، حتى أن النصارى في عهدهم مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند فتح القدس سنة (16)هـ اشترطوا ألا يعيش في القدس يهودي. لا يبقى فيها يومًا وليلة، وقد أعطاهم الفاروق عمر العهد بذلك.
ولكن- سبحان الله- اتفق الآن اليهود مع الأمريكان والإنجليز والفرنسيين وغيرهم.. لماذا ؟
لأن معركتهم واحدة، وهي المعركة ضد الإسلام.
تمركز اليهود في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم في شمال المدينة المنورة، وكانوا ـ كعادتهم ـ قومًا غلاظ الطباع، قساة القلوب، منحرفي الأخلاق، يعيشون على الرِّبا، وإشعال الفتن، والتكسب من بيع السلاح، وعلى إيقاع السادة في الفضائح الأخلاقية وتهديدهم بها، وعلى السيطرة على الجهال بكتبهم المحرفة وأفكارهم الضالة.
8ـ الحبشة (أثيوبيا):
كان أهل الحبشة على النصرانية المحرفة، وكانوا يتبعون الكرسيّ البابويّ الإسكندريّ في الدين (المنوفيسية)، فيعتقدون أنّ المسيح هو الله أو هو ابن الله وليس له طبيعة بشرية. وكانت حياتهم بدائية إلى حد كبير، وإن كان لديهم قوة وجيش وسلاح. وفي زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد البعثة كان يحكمهم رجل لا يظلم عنده أحد وهو النجاشي أصحمة، النجاشي لقب وليس اسمًا كما يلقب ملك الفرس بكسرى وملك الروم بقيصر وملك مصر بفرعون.
9ـ الأمريكتان:
كانت الأمريكتان تعيشان في ذلك الوقت مرحلة طفولة حضارية في حياة بدائية تمامًا، وقد شاهدت آثار السكان الأصليين لأمريكا الذين يطلق عليهم الهنود الحمر وهي آثار بدائية للغاية، وظلت كذلك حتى جاء الأوروبيون من المجرمين والأفاكين وأبادوا الملايين من السكان الأصليين، وأقاموا على أشلاء جثثهم الحضارة الأمريكية المعاصرة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassabala.yoo7.com
 
التاريخ الاسلامى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التاريخ الاسلامى
» الزى الاسلامى والحجاب الصحيح
» مكتبة الفيديو الاسلامى(متجدد)
» شخصيات في التاريخ
» شخصيات من التاريخ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى حسب الله :: الحديقة الإسلامية :: زهرة التاريخ الإسلامى-
انتقل الى: