الهجوم على غزة والدعم الامريكي الضمني لإسرائيل
كيم غطاس بي بي سي نيوز - واشنطن |
أعطى البيت الأبيض دعمه الضمني للعملية العسكرية الإسرائيلية ضد حماس في قطاع غزة، وهو ما قد يؤدي إلى تهديد أي جهود سلام قد تقوم بها إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما.
فقد قال المتحدث باسم البيت الأبيض جوردن جوندرو إن "الولايات المتحدة تتفهم أن إسرائيل تحتاج إلى التحرك من أجل الدفاع عن نفسها.. من أجل أن يتوقف العنف فإن على حماس أن توقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتوافق على احترام وقف طويل المدة لإطلاق النار".
هذا الموقف هو شبيه للغاية بموقف إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش خلال حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، والذي اعتمد على الدعوة إلى وقف دائم لإطلاق النار بدلا من الضغط على إسرائيل من أجل إيقاف فوري للعمليات العسكرية التي كانت تقتل مدنيين.
ولا يتوقع المراقبون أي تغير في موقف إدارة بوش من دعمها لإسرائيل أو دعوتها حماس لإيقاف الصواريخ خلال الثلاثة أسابيع الباقية لها في الحكم.
ولم يعلق الرئيس بوش حتى الآن، كما أن وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس لم تعلق هي الأخرى. لكن وزارة الخارجية كانت حريصة على التأكيد أن الجهود الدبلوماسية تبذل من أجل السيطرة على الأزمة.
وقال متحدث باسم الخارجية الأمريكية: "نحن نحث كل الأمم في المنطقة للمساهمة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار حتى نعود إلى الهدوء النسبي الذي كان سائدا خلال الأشهر الستة الماضية".
وعدد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية كل السياسيين الأجانب الذي تحدثت إليهم رايس من وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني إلى وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل.
وفقا لدان سنور، وهو مسؤول سابق في إدارة بوش ويعمل الآن مع مجلس العلاقات الخارجية، فإن هذا الموقف يتسق مع المواقف التي اتخذتها الإدارة الأمريكية سابقا مثل إصدار البيت الأبيض لبيانات قوية تدعم إسرائيل بينما تقوم كوندوليزا رايس بالضغط قليلا على إسرائيل.
كما أن اشتعال الأزمة يعتبر تأكيدا لإخفاق بوش في التوصل إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
فبعد أن أطلق مبادرته الطموحة عام 2007 في مؤتمر أنابوليس، لم يعتقد سوى قلة إن شيئا ملموسا قد تتمخض عنه هذه المبادرة، لكن البعض جادل إن بوش يترك خلفه شيئا يمكن البناء فوقه وهدوءا نسبيا على الأرض.
وبدلا من هذا فإن الأسابيع الأخيرة من رئاسة بوش سوف تتمرغ في وحل أزمة أخرى، وهي أكبر هجوم إسرائيل على غزة منذ عقود.
وبينما كان من المعروف سلفا موعد التصعيد، وهو انتهاء التهدئة التي استمرت ستة أشهر يوم التاسع عشر من ديسمبر، فإن الطرفين، حماس والإسرائيليين، بدتا وكأنهما يستخدمان المفكرة السياسية في إسرائيل والولايات المتحدة للتلاعب بأوراقهما قبل مجيء إدارة أمريكية جديدة إلى البيت الأبيض.
فالمسؤولون الإسرائيليون يعلمون أنهم يستطيعون الاعتماد على دعم إدارة بوش ولكنهم غير متأكدين من رد فعل إدارة أوباما في حال قرروا شن الهجوم بعد العشرين من يناير القادم.
ويقول سنور أيضا إن إسرائيل لم ترد أن يكون اشتعال الوضع في غزة هو أول ملف يتعامل معه أوباما عندما ينتقل إلى البيت الأبيض.
ويضيف: "كان هناك إحساس في إسرائيل بأن التحرك ضروري بعد انتهاء التهدئة وأن عليهم التحرك بسرعة أو الانتظار لمدة طويلة، ما بين أربعة إلى ستة أشهر، وهو شيء لم تكن إسرائيل قادرة على تحمله".
لكن التطورات كبيرة إلى الدرجة التي ستجعل آثارها باقية إقليميا حتى لو عادت التهدئة خلال أيام. كما أن آثار تلك التطورات ستبقى إلى ما بعد العشرين من يناير القادم، وبالتالي فإن الشرق الأوسط يفرض نفسه على قمة أولويات أجندة الرئيس القادمة.
ولطالما قال أوباما إنه يود أن يعمل على تحدي إيجاد سلام في الشرق الأوسط من اليوم الأول لرئاسته. لكنه لم يعط أي تفاصيل حول خططه للتوصل إلى اتفاق سلام والتي استهلكت إدارات بوش وكلينتون ولم يتم التوصل إليها.
ويبدو أن العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة ستمنح أوباما مساحة ضيقة للمناورة والدبلوماسية، على الأقل في البداية.
وحتى الآن أصر فريق أوباما على وجود رئيس واحد فقط لأمريكا وهو الرئيس الحالي بوش وذلك كتبرير لمحدودية البيانات الصادرة عن الإدارة الجديدة حول الأزمة المشتعلة في غزة. لكن هذه البيانات قدمت ضمانات بمساعدة إسرائيل.
وقال دافيد أكسلورد، وهو مستشار رفيع لأوباما، إن الرئيس القادم سيعمل مع الإسرائيليين عن قرب، "فهم حلفاء عظيمون بالنسبة لنا، وهم الحليف الأهم لنا في المنطقة."
ولكنه أضاف أن أوباما "سيعمل على ذلك عبر الترويج لقضية السلام والعمل مع الإسرائيليين والفلسطينيين على تحقيق هذا الهدف."
وقال ستيف كول، وهو باحث رفيع في مجال الدراسات الشرق الأوسطية في مجلس العلاقات الخارجية، إن الإسرائيليين حاولوا فعل كل شيء من أجل الحصول على غطاء سياسي لعمليتهم العسكرية في غزة من الإدارة الأمريكية القادمة وذلك عبر إبراز التصريحات التي أطلقها أوباما في أغسطس الماضي أثناء زيارة له إلى سديروت، وهي المدينة التي تستهدفها صواريخ حماس.
وخلال الزيارة قال أوباما: "لو أن أحدا يطلق الصواريخ على بيتي خلال نوم ابنتاي في الليل، فإنني سأعمل كل ما في وسعي لإيقاف ذلك، وأنا أتوقع من الإسرائيليين أن يفعلوا نفس الأمر."
وقد تكون غزة أول أزمة دولية تواجه أوباما وفق توقعات نائبه جو بايدن. كما أن إسرائيل وحماس سيحاولان اختبار الرئيس الجديد.
وفي الوقت الذي تنتظر فيه أوباما في العالم العربي قدرا معقولا من الترحيب، فإن طريقته في التعامل مع أزمات مماثلة خلال رئاسته سيحدد كم سيطول شهر العسل بينه وبين المرحبين به في العالم العربي.
موضوع من BBCArabic.com
http://news.bbc.co.uk/go/pr/fr/-/hi/arabic/middle_east_news/newsid_7804000/7804315.stm
منشور 2008/12/30 09:43:00 GMT
BBC MMVIII