انها قصة في الليالي الخوالي من واقع الحياة في فلسطين
****************
نشأت وتربت في قرية ريفية جميلة , قرية تحيط بها نسمات الرحمة وتضللها اجنحة الملائكة
ما ابهى واجمل واجل منظر الغروب فيها , ويا لامل شروق الشمس فيها , ليلها بهدوءه وروعة
سكونه يخيم على القرية فيحلى السهر والسمر , انها قرية في مدينة جنين ( جنين الصمود والشموخ )
كغيرها من باقي المدن الفلسطينة مشهود لها بالتضحية والكفاح ولاهلها بالجود والكرم
وترعرعت في بيئة محافظة على المبادئ والقيم والاخلاق , هي الان انسانة واعية ومحبة لله والدين والوطن
عليها ابتسامة احلى من الشهد ولها ضحكة تعيد للروح بهجتها ولها طلة ابهى من القمر ليلة البدر , ولكن
الحزن لم يفارقها يوما , لا نلومها فلو رجعنا الى الوراء منذ نعومة اظفارها حيث كانت تنظر لدمعات والدتها في
البيت لان ابنائها اما في الغربة او تحت القيود والاستقرار النفسي كان غائبا خوفا من المداهامات
*************************
ولانها كانت مرهفة الاحساس وصادقة المشاعر كانت تعي ان للحياة جانب مضيء , نمت ونمت معها مشاعرها
وعواطفها , كانت تميل عاطفيا الى شاب من قريتها ( سليم ) كان شهما ومحبوبا رغم بداية شبابه وكان بعيدا
عن مواطن القيل والقال وامكان اللهو العبثي , كانت تحبه وتهوى السباحة في خياله وكم تعشق سيرته وتتغنى باسمه
وهي بهذا الموج العاطفي اتجاهه كانت تجهل مشاعره نحوها , حتى اخبرتها اخته في احد زياراتها لها
ان اخاها يحبها بجنووون , يا الله هل يعقل وهل يوجد مثل هذا الحب الصادق , يحبان بعضهما بدون اي شبهات
او تجاوزات , لا يوجد اي عبث اخلاقي او اي محاولة للتعبير عن الحب خارج حدود الشرع , فقط حب صادق
يحملانه مع تراكم الايام دون ان يضعف الرادع الاخلاقي بينهما , فكانت اخته دائما محط عواطفهما ومناجاتهما
لتصبح ذات يوم على صراخ منادي ينادي ( لقد استشهد اليوم ست شباب ) ست شباب كانوا يابون الضيم
وحياة المهانة والذل وعزموا على شرف الموت في سبيل الله وليس للقيل او القال او الشهرة او المدح
رفعت يدها الى السماء سائلة الله الا يكون هو احدهم , لعلمها انه من المقاومين الشباب الذين يتربصون
باليهود دائما , لم تدعوا الله الا يكون شهيدا وانما دعت الله ان يبقيه حيا لحيا حبها
وهب اغلب من في القرية لرئيتهم واستخراجهم من مكانهم وكانوا يخرجونهم الواحد تلو الاخر
وهي متجه بناظريها الى الشهداء , ليخرجوا لها معشوقها وقد استقرت عدة رصاصات في جسده
ورقبته وراسه , لتحبس انفاسها ومشاعرها خوفا من ان يلاحظ عليها احد مشاعرها فيتعرض لسمعة عائلتها
فزادها حزنا انها لن تبوح بمشاعرها لترتاح , ولوعا وشوقا رحيله من غير رجعة , ليأتيها في المنام بعد اسبوع
ليخبره انه يحبها وانه في مقام رفيع وكريم وانه يزورها كل يوم ,
وكم سمعنا في قصص الاولين والصحابة ان الشهداء ياتون في المنام
لتستيقظ وهي مطمئنة ومرتاحة وتدعوا الله له كل يوم برضا ورحمة الله عليه
**************************
ونعود لحاضرها حيث تعيش ذكرياتها مع صبرها واحتسابها , هذه قصة وعينة من واسع القصص والمواقف
في جميع ربوع فلسطين . كم فقد حبيب حبيبه وكم فقد اخ اخاه وكم ودعت ام ابنها وكم ترملت زوجة بزوجها
وكم تيتم طفل وبكى , وكم اخذت ارض وهدمت مساجد ومزارع واغتصبت نساء وممتلكات , وهم بكل هذا لا جزع ولا كدر
ولا اعتراض لحكم الله الحكيم , وانما صبر واحتساب , واختم قصتي بقول احد الامهات في فلسطين
بعد ان فقدت خمسة من ابنائها ( انا ألد وأهب أولادي لنصرة دين الله )