يوم الأرض
عندما قام السيناتور الأمريكى "جايلورد نلسون" ومساعده "دنيس هايس" بزيارة سانتا باربارا بولاية كاليفورنيا عام 1969م، تملكهما الغضب والذعر عندما شاهدا كميات النفط الكبيرة التى تلوث مياة المحيط الهادى بالقرب من السواحل الأمريكية لمسافة عدة أميال. هذا التلوث له تأثير خطير على البيئة ويجعل حياة الأسماك والطيور والأحياء المائية مستحيلة.
عندما عادا إلى واشنطون، قام السيناتور بتمرير قانون يخصص يوم 22 أبريل من كل عام كعيد قومى للإحتفال بكوكب الأرض. كارثة التلوث هذه، تسببت أيضا فى إنشاء مجلس البيئة الأمريكى الذى بدأ عمله فى محاربة التلوث منذ ذلك الحين. لهذا تعتبر سانتا باربارا مهد جماعة أنصار البيئة. أول إحتفال بيوم الأرض العالمى كان عام 1970م. وإستمر الإحتفال بيوم الأرض منذ عام 1990م حتى الآن.
يعيش الإنسان منذ بداية الخلق فى تلائم ووفاق تامين مع باقى الحيوانات والنباتات. فلا الإنسان أو الحيوانات تستطيع الحياة بدون النباتات، ولا النباتات تستطيع الحياة بدون الحيوانات. النباتات تمد الحيوانات والإنسان بغاز الأكسوجين اللازم للتنفس، والحيوانات تمد النباتات بغاز ثانى أكسيد الكربون اللازم لعملية التمثيل الضوئى. وبدون عالم الحيوانات، الموجود من هذا الغاز لن يكفى النباتات أكثر من سنة أو سنتين على الأكثر.
إننا نمرض ونموت إذا شربا فقط مياة مقطرة خالية من أملاح الأرض ومعادنها. ولا نستطيع أن نعيش بدون المخلوقات الدقيقة العالقة فى مياة المحيطات والتى لا ترى بالعين المجردة، لأنها تمدنا بثلاثة أرباع حاجتنا من الأكسوجين اللازم للتنفس. ولا نستطيع هضم طعامنا بدون وجود أنواع من الباكتيريا فى أمعائنا. فصل الإنسان عن البيئة والطبيعة مستحيل من الناحية الفسيولوجية أو من الناحية السيكولوجية. علاقة الإنسان بالبيئة هى علاقة توافق لا علاقة تعارض. بمعنى أن الإنسان وباقى الكائنات شئ واحد لا أشياء مختلفة. توافق الإنسان مع البيئة هو أساس ديانات وفلسفات الشرق. الهندوسية والبوذية والشنتو وغيرها.
فى السنوات الأخيرة، حلت كوارث عديدة فى أنحاء كثيرة من العالم. لا نزال نذكر إعصار تسونامى بأندونيسيا الذى أودى بحياة أكثر من 200 ألف نفس. وغيره من الأعاصير والكوارث الطبيعية فى جميع أنحاء العالم. هذه الكوارث كانت موجودة من قبل، لكنها لم تكن تحدث فى مثل هذه الفترات القصيرة أو بمثل هذا التكرار منذ آلاف السنين. كوارث الفيضانات والجفاف والتحاريق فى كل القارات. وموجات البرد والصقيع التى تجتاح العالم. وزيادة معدلات درجات الحرارة فى الصيف ثلاث درجات وإنخفاضها فى الشتاء ثلاث درجات. كل هذا نتيجة لتوزيع الضغط الجوى بطريقة مختلفة عما كان عليه منذ آلاف السنين.
قطع الأشجار يقلل من أستهلاك غاز ثانى أكسيد الكربون. زيادة هذا الغاز فى الجو تحجز حرارة الشمس فى الغلاف الجوى وتمنعها من التسرب إلى الفضاء الخارجى. مما يخل بالضغط الجوى وتوزيعه مسببا الكوارث التى أشرنا إليها. فضلا عن استمرار زيادة درجات الحرارة بهذا المعدل سوف يؤدى إلى إنصهار الثلوج بالقطبين ومن قمم الجبال. مما يعرض الأرض إلى فيضانات لا مثيل لها. هذا يؤدى إلى إغراق مساحات كبيرة جدا من الأراضى المنخفضة بما عليها من مدن ومزارع وغابات. مما يؤدى إلى كوارث ومجاعات للأجيال القادمة.
التقدم العلمى والتكنولوجى بدون وازع أخلاقى أطلق العنان للجشع المادى. الرجل الغربى الآن يتصور أنه خلق لكى يسيطر على الطبيعة ويقهرها. هذا التصور يتيح له تدمير الحياة والبيئة من حوله بحثا عن الكسب السريع. الشركات الكبير تقوم حاليا بقطع الأشجار فى مساحات شاسعة من الغابات وقتل حيواناتها فى أفريقيا وأمريكا الجنوبية طلبا للأخشاب ولصناعة الورق ومستلتزمات أخرى. ولا يهتم الرجل الغربى بمصير الإنسان ومستقبله ولا يعطى البيئة أدنى إهتمام.
فى بلادنا نقوم بقطع الأشجار من الحدائق، وردم الترع لتوسيع الشوارع، وتجريف التربة لبناء المنازل. وأهملنا زراعة الأشجار والنخيل وإستصلاح الأراضى. لوثنا الحقول بالسموم وبالمبيدات الحشرية. وعلت الأتربة شوارعنا وداخل بيتنا ومكاتبنا. وخلت نوافذنا وشرفاتنا من الزهور واختنقت مدننا بالغازات السامة والسحابة السوداء والضوضاء. وانفصلنا عن البيئة واصبحنا نراها كعدو يجب قهره. بالرغم من وجود وزارة للبيئة وحزب للخضر فى بلادنا.
علاقتنا بأمنا الأرض هى علاقة مريبة وظالمة. لقد قتلنا أسماك نهر النيل وباقى البحيرات. وقضينا على طيورنا صديقة الفلاح، الحدأة والصقر وأبو فصادة وأبو قردان. ثم تحولنا إلى الهواء وجعناه هو الآخر فاسدا. هذا فى حد ذاته جريمة مع سبق الإصرار والترصد. جبل لبنان الذى كان مغطى كله بأشجار الأرز، لم يبق من هذه الأشجار سوى 400 شجرة فقط. وغابات جزيرة كريت لم يبق من أشجارها شئ.
وفى ولاية مساشوسيت عندما جاء إليها المهاجرون الأوائل، كانت شجيرات الفراولة تصبغ أرجل ورؤوس الأحصنة باللون الأحمر عند المرور بينها من كثرتها وكثافتها. الآن لم يتبقى منها إلا 1% أو أقل.
التلوث يأتى من زبالة المنازل والمزارع ونفايات المستشفيات ومخلفات المصانع بجميع أشكالها. ناهيك عن نفايات المفاعلات الذرية ومنها البوليتونيوم.
تنقسم نواة اليورانيوم داخل المفاعل الذرى إلى أجزاء صغيرة مشعة. تصاحب هذا الإنقسام حرارة وتنطلق أيضا نيترونات. هذه النيترونات تمتصها أنوية أخرى تنشطر بدورها مولدة سلسلة من التفاعلات. داخل القنبلة الذرية، تنتهى سلسلة التفاعلات هذه بالإنفجار. لكن داخل المفاعل الذرى، يمكن التحكم فيها وتنظيمها عن طريق قضبان من الكربون تمتص هذه النيترونات. وتنطلق تبعا لذلك كميات ..للموضوع بقية