قـصـة أبيــار علي وعلاقة ذلك بمنطقة دارفور في السودان بسم الله والحمد لله، والصلاةوالسلام علي رسول الله.. وبعد،،
قليل منا من قرأ تاريخناو وعى هذا التاريخ، ونحن للأسف الشديد أمة لا تقرأ تاريخها، وإذا قرأنا هذا التاريخفإننا ننساه ونتعامل معه علي أنه ماض، والمهم أن ننظرللحاضروالمستقبل .
أيها الأحباب.. التاريخ هومجدنا ومجد آباءنا، التاريخ هو حاضرنا ومستقبلنا، وكما روى الحاكم في مستدركه منحديث عبد الله بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما أنه قال: كان أبي سعد بن أبي وقاصيأخذ بأيدينا أنا وإخوتي، يوقفنا علي مشاهد رسول الله (أي مواقع الغزوات) وآثار رسول الله، ويروي لنا ما شهد من الماضي، ويقول لنا: تعلموا تاريخكم، وتعلموا سيرةنبيكم، فإنها مجدكم ومجد آبائكم. أما نحن فللأسف الشديد ضاع منا هذاالتاريخ .
سبب تسمية ميقات ذوالحليفة بأبيار علي
وأظن أنالجميع يعرف المدينة المنورة،بل إن معظمنا ذهب إليها وسار في طرقاتها. ولعلبعضنا يعرف أبيار علي،وهي ميقات أهل المدينة المنورة الذي ينويعنده ويحرم من أراد منهم الحج أو العمرة، وكانت تسمي في زمن النبي صلي الله عليهوسلم ذي الحليفة . ولعل البعض يظن أنها سميت أبيار علي نسبة لعليبن أبي طالب رضي الله عنه، وهذا غير صحيح ..والصحيح أنها سميت بذلك نسبة لعلي بن دينار. وعلي بن دينار هذا جاء إلي الميقات عام 1898م حاجاً ( أي منذ مائةو تسعة سنين بالضبط)، فوجد حالة الميقات سيئة، فحفر الآبار للحجاج ليشربوا منها ويُطعمهم عندها،وجدد مسجد ذي الحليفة، ذلك المسجد الذي صلي فيه النبي وهو خارج للحج من المدينة المنورة، وأقام وعمّر هذا المكان، ولذلك سمي المكان بأبيار علي نسبة لعلي بندينار .
من هو علي بن دينار؟
أتدرون من هو علي بن دينار هذا؟ إنه سلطاندارفور . تلكالمنطقة التي لم نسمع عنها إلا الآن فقط لما تحدث العالم عنها، ونظنها أرضاً جرداءقاحلة في غرب السودان، كانت منذ عام 1898م وحتى عام 1917م سلطنة مسلمة، لها سلطان اسمه علي بن دينار. وهذا السلطان لما تقاعست مصر عن إرسال كسوة الكعبةأقام في مدينةالفاشر (عاصمة دارفور)مصنعاً لصناعة كسوة الكعبة، وظل طوال عشرين عاماً تقريباً يرسل كسوة الكعبة إلي مكة المكرمة من الفاشر عاصمةدارفور. وإذا كنا في مصر نفخر ونشرف أننا كنا نرسل كسوة الكعبة، وكان لنا في مكةالتكية المصرية، فإن دارفور لها مثل هذا الفخر وهذا الشرف.
هذه الأرض المسلمة تبلغمساحتها ما يساوي مساحة جمهورية فرنسا، ويبلغ تعداد سكانها 6 ملايين نسمة، ونسبةالمسلمين منهم تبلغ 99% (أي أن نسبة المسلمين في دارفورتفوق نسبتهم في مصر)، والذيلا تعرفونه عنها أن أعلي نسبة من حملة كتاب الله عز وجل موجودة في بلد مسلم، هينسبتهم في دارفور، إذ تبلغ هذه النسبة ما يزيد عن 50% من سكان دارفور، يحفظون القرآن عن ظهر قلب، حتى أن مسلمي أفريقيا يسمون هذه الأرض "دفتي المصحف". وكان في الأزهر الشريف حتى عهد قريب رواق اسمه "رواق دارفور"، كان أهل دارفور لا ينقطعون أنيأتوه ليتعلموا في الأزهر الشريف .
وأصل المشكلة هناك أن دارفور يسكنها قبائل من أصول عربية تعمل بالزراعة،وقبائل من أصول إفريقية تعمل بالرعي. وكما هو الحال في صحراوات العالم أجمع.. يحدث النزاع بين الزراع والرعاة علي المرعى والكلأ، وتتناوش القبائل بعضها مع بعض في نزاع قبليبسيط،تستطيع أي حكومة أن تقضي عليه، غير أن هذا لم يحدث في السودان، بل تطور الأمر لماتسمعونه وتشاهدونه الآن.. لماذا كل هذا؟ !! لأن السودان هي سلة الغذاء في إفريقيا، لأن السودان هي أغني وأخصب أراضيالعالم في الزراعة، لأن السودان اُكتشف فيها مؤخراً كميات هائلة من البترول، ومثلها من اليورانيوم في شمال دارفور، فلو استقر السودان المسلم لحل الأمن والرخاء والسخاءبالمنطقة كلها، ولأصبحت السودان ملجأ وملاذاً للمسلمين والعرب أجمعين، ولهذا لم يرد أعداء الإسلام لهذه المنطقة أن تنعم بالاستقرار، ولا أن تعتمد على نفسها، فماذا يفعلون؟ يشعلون النزاعات في أنحاء البلاد ليصلوا بالأمر إلي تقسيم هذه الأرض إليأربع دويلات.. دولة في الغرب (تسمي دارفور) ودولة في الشرق، ودولة في الجنوب ودولة في الشمال (في جنوب مصر). لقد نفذوا خطتهم هذه فعلاً في الجنوب، ودبّ النزاع بين الشمال والجنوب، وأقروا أن حق تقرير المصير بانفصال أهل الجنوب سينفذ بعد خمس سنواتمن الآن. وبعد أن تم لهم ما أرادوه في الجنوب، التفتوا إلي الغرب وأشعلوا فيه نار الفتنة والخلاف، سعياً وراء حق تقرير المصير هناك أيضاً، و أأكد لكم أن النزاع سيصل إلي الشرق عن قريب، وسيكون حق تقرير المصير هو الحل أيضاً، وستذكرون ما أقول لكموأفوض أمري إلي الله .
وأذكر لكم قصة الجنوب.. إن نسبة المسلمين في جنوب السودان حوالي 16%، ونسبة النصارى 17%، أي أن الفارق 1% فقط، والباقي من السكان وثنيون. فأي تقرير مصير هذا الذي ينادون به؟ السر في هذا يا إخوتي في الله.. أنهم يأملون في نجاح حركات التنصير في ضم 5% من السكان إلي النصرانية خلال الخمس سنوات القادمة، وعلى هذا سترتفعنسبتهم إلي 23%، وهم في سبيلهم هذا يعتمدون علي قعود المسلمين عن الدعوة لدينهموزيادة أعدادهم في الجنوب .
أعرفتم الآن يا إخوتي لماذا يذهب كارتر رئيس مجلس الكنائس العالمي إليالجنوب دائماً؟ للإشراف على تنفيذ هذا المخطط . أتدرون أن 13 وزيراً من وزراءأوروبا وأمريكا ذهبوا إلي دارفور في الثلاثة شهور الأخيرة فقط؟.. وأن آخر زوار دارفور وزير الخارجية الأمريكي؟.. وما دارفور هذه لتتحرك لها وزارة الخارجية الأمريكية؟.. فيحين لم تتحرك جامعة الدول العربية، ولا منظمة المؤتمر الإسلامي.. ولو أن كل مسلم منالمليار مسلم تبرع بجنيه مصري واحد.. لأصبحت السودان جنة من جنات الأرض.. ولكن مامن تحرك ولا تفاعل ولا حتى شجب أو استنكار، بل تقاعسٌ وصمتٌ رهيبٌ.. ولا حول ولاقوة إلا بالله.
تلكم يا إخوتي هي المشكلة في السودان الحبيب. وتلكم هي قصة دارفور، الأرضالغالية، صاحبة أعلى نسبة من حملة كتاب الله عز وجل، التي تبلغ نسبة المسلمين فيها 99%، أرض كانت في يوم من الأيام سلطنة إسلامية، لها سلطان عظيم اسمه علي بن دينار، يكسو الكعبة...
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين.. اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمينبخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا والإسلام والمسلمين بشر فاشغله في نفسه، واجعل كيده في نحره، وأدر الدائرة عليه. اللهم أقم فينا دولتك، وارفع لواءك، وحكم فيناشريعتك.. إنك ولي ذلك والقادر عليه. وصل اللهم علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبهوسلم __________________