أزمة الغذاء العالمي بالميزان
إميلي بوكانان
بي بي سي
"إن زلزالا (تسونامي) صامتا لا يعرف حدودا يجتاح العالم."
هكذا اختصرت جوزيت شيران، رئيسة برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة (دبليو إف بي)، وصفها لقضية النقص الحاصل في الغذاء على الصعيد العالمي.
بالتأكيد إن ما يشهده العالم في هذا المجال هو عاصفة ضربت دون سابق إنذار، وقد أغرقت 100 مليون إضافي من البشر في الفقر المدقع.
وقد أثارت الأزمة أعمال شغب في كل من هاييتي والكاميرون وأندونيسيا ومصر، وهي تُعتبر تهديدا خطيرا للاستقرار في العالم.
ومع أنه لا يمكن أن نعتبر أنها ترقى إلى حد وصفها بالمجاعة التي تسبب القلق، إلا أن الأزمة هي بمثابة انتشار للبؤس وسوء التغذية في أنحاء المعمورة. الهم الأكبر
يجب أن يشكل ارتفاع الأسعار صرخة توقظ العالم وتدفعه للإستثمار على المدى البعيد في مجال الغذاء
جوزيت شيران، رئيسة برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة
ويعتبر برنامج الغذاء العالمي أن الهم الأكبر لديه هو أولئك الأشخاص الذين يعيشون على مصروف يومي يبلغ 50 سنتا فقط، ولا مصدر آخر لديهم يسدون به رمقهم.
ومن بين هؤلاء الـ 70 مليون نسمة الذين يقدم لهم البرنامج المساعدات الغذائية في الوقت الراهن.
فقد ارتفعت كلفة المعونات الغذائية التي يقدمها البرنامج بشكل حاد جدا إلى درجة أن ميزانيته تعاني الآن من عجز وصل إلى 750 مليون دولار أمريكي. حصص غذائية
ويعني هذا أن بعض برامج المعونات قد تتراجع في قيمتها وأنه قد يجري تقليص بعض الحصص الغذائية التي تُقدم في إطار البرنامج. والسؤال المطروح الآن هو لماذا ارتفعت إذا أسعار المواد الغذائية؟
يعزو الخبراء الارتفاع في أسعار السلع إلى ذلك الخليط القاتل المكون من عدة عوامل منها: الكلفة العالية للوقود والطقس السيء في البلدان الهامة المنتجة للغذاء وزيادة الأراضي المخصصة للحصول على الوقود الحيوي والارتفاع في الطلب على الغذاء، ومعظمه من قبل الطبقات الوسطى المتنامية في كل من الهند والصين.
والمشكلة هي أنه حالما ترتفع أسعار الأرز أو القمح، فإن عوامل أخرى تدخل على الخط وتفاقم الأمور. خوف وحذر
ومن ثم ينشأ نوع من الخوف والذعر، ويشرع الناس باتخاذ الحيطة والحذر، ويبدأ المضاربون بشراء البضائع وتكديسها وتقوم الدول المنتجة للغذاء بفرض رقابة على الصادرات سعيا منها للاحتفاظ بالغذاء من أجل سد حاجة شعوبها.
ويعني ذلك بعدئذ عدم توفر المزيد من المواد الغذائية في الأسواق لكي يتم تصديرها إلى البلدان التي تعتمد على الواردات في أغذيتها. أما السؤال الآخر، فهو ما الذي يمكن فعله لحل هذه الأزمة؟
لقد كان التركيز أكثر على تأمين خدمات الصحة والتربية، إلا أن ذلك يجب أن يتوقف
إيمي باري، من مؤسسة أوكسفام للأعمال الخيرية
في ورقة قدمتها شيران وتميزت بنبرة متفائلة، قالت المسؤولة الدولية إنها واثقة من أنه بإمكان العالم إنتاج الكميات التي يحتاجها من الغذاء، فالقضية هي مجرد إمكانية تجاوز هذه المرحلة العصيبة والعثور على المصادر التي يمكن استثمارها.
إلا أن الحل لن يكون مجرد إجراء ما يتم اتخاذه وتنتهي الأزمة ببساطة. أسعار السماد
وقد استخدمت شيران مثال منطقة "الوادي المتصدع" في كينيا حيث يقوم المزارعون بزراعة أقل من ثلثي المساحة التي قاموا بزراعتها العام الماضي، وذلك بسبب أن أسعار السماد ازدادت أكثر من الضعف هذه السنة.
تقول شيران: "يجب أن يشكل ارتفاع الأسعار صرخة توقظ العالم وتدفعه للإستثمار على المدى البعيد في مجال الغذاء."
أما صغار المزارعين، فهم غير قادرين على إنتاج وتوريد المزيد من السلع الغذائية بدون ذلك الاستثمار."
إنها تلك المحنة التي يعاني منها هؤلاء المزارعون هي التي جعلت من العسير عليهم أن يخرجوا من دائرة الفقر التي يتخبطون بها، فهم يكابدون مع أراضيهم الفقيرة وآلاتهم غير الملائمة وغياب وسائل المواصلات لديهم. إهمال الزراعة
من جهتها، تشعر إيمي باري، من مؤسسة أوكسفام للأعمال الخيرية، أنه جرى إهمال الزراعة إلى حد كبير.
تقول باري: "لم تعد الزراعة تملك تلك الجاذبية، فالأمر برمته يتعلق بالأمور اللوجستية التي لا جاذبية ولا رونق لها."
حول أزمة الغذاء وبرنامج الغذاء العالمي
أغرقت 100 مليون إضافي من البشر في الفقر
أكثر من 70 مليون نسمة يعيشون على المساعدات الغذائية التي تُقدم لهم
عجز ميزانية برنامج الغذاء العالمي يصل إلى 750 مليون دولار أمريكي
تعهد براون بتقديم 900 مليون دولار أمريكي على شكل معونات إضافية للفقراء
بعض برامج المعونات قد تتراجع في قيمتها وقد يجري تقليص بعض الحصص الغذائية التي يقدمها البرنامج
حالما ترتفع أسعار الأرز أو القمح، فإن عوامل أخرى تدخل على الخط وتفاقم الأمور
وتضيف باري قائلة: "لقد كان التركيز أكثر على تأمين خدمات الصحة والتربية، إلا أن ذلك يجب أن يتوقف." أولوية براون
يُذكر أن رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون بات يشدد منذ وقت طويل على كون مساعدة الفقراء في الدول النامية أولوية قصوى بالنسبة له.
فقد عقد براون يوم أمس الثلاثاء اجتماعا في العاصمة لندن وضم خبراء التغذية، حيث سعى الجميع إلى الخروج بحلول للمعضلة.
ودعا براون لإعادة النظر على الصعيد الدولي بسياسة إنتاج الوقود الحيوي وتعهد بتقديم 900 مليون دولار أمريكي على شكل معونات إضافية.
وقال براون إن أزمة الأسعار المرتفعة للمواد الغذائية تشكل خطرا داهما في وجه الرخاء والازدهار في العالم، تماما مثل أزمة الإئتمان العالمية. وحذر من أن هاتين الأزمتين تنذران بإعادة الجهود، التي بُُذلت للقضاء على الفقر، إلى الوراء.
DH-OL
موضوع من BBCArabic.com