منتدى حسب الله المدير
عدد الرسائل : 6792 الأوسمة : نقاط : 69300 تاريخ التسجيل : 25/04/2008
| موضوع: التطوير التربوي بين ماليزيا والعرب السبت سبتمبر 27, 2008 2:04 am | |
| التطوير التربوي بين ماليزيا والعربيقف الإنسان احتراما وتقديرا للخطى الماليزية الحثيثة نحو التميز والإبداع ، والسير قدما نحو العالمية . . ويقف في الوقت نفسه حزينا كئيبا على الوضع المأساوي الذي تعيشه الدول العربية في كافة المجالات . . وقد يتساءل الانسان في نفسه : كيف وصل الماليزيون لهذا التخطيط المحكم لبناء مشروع نهضوي جبار ، يقود نحو التفوق والريادة في العالم ، بجهد ماليزي بحت أبدعت فيه العقول الماليزية ، وأحسنت في استغلال طاقة الإنسان وإمكاناته . . لعل من أهم عوامل النجاح هي مناهج التعليم الماليزية . . يقول محاضير محمد ، رئيس ماليزيا السابق ، في أحد تصريحاته الصحفية « ماليزيا لم تحقق معجزة ، بل طبقت ما طالبنا به القرآن الكريم في أول آية نزلت على الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) وتقول (اقرأ) ؛ فأولينا التعليم كل جهدنا ، ووفرناه لكل فئات المواطنين بسهولة ، فرفعنا من شأن الإنسان الماليزي ، فعرف قيمة العمل والإنتاج ، وباقي القيم الإنسانية الأخرى ، ثم كان التعليم مدخلنا لتحقيق التنمية الشاملة ، التي لم نعتمد فيها على مجال واحد ، بل شملت كل المجالات من الزراعة حتى الصناعة ، والتجارة أيضا « . . ولقد اصدر مكتب التربية العربي لدول الخليج كتابا عن التجربة الماليزية ، التي تهدف في عام 2020 م إلى تحقيق الرؤية الماليزية . . يذكر الكتاب أن ماليزيا رأت نفسها أمام سؤالين ملحّين واستراتيجيين . . أولهما هو : هل تقبل أن تقوم ماليزيا بدور هامشي في العالم الجديد ، الذي بدأ يتشكل في ظل ثورة المعلومات وتقنيات الاتصال ، والنانوتكنولونوجي ؟ . . وثانيهما هو : هل تكتفي ماليزيا فقط بعمليات التجميع الصناعي التكميلي لصالح الشركات متعددة الجنسيات ؟ . إنهما سؤالان ملحّان اجبرا الماليزيين على التفكير كثيرا من اجل صنع شيء للأمة الماليزية ، وحتى لا تصبح ماليزيا في ركب الدول المتأخرة في المستقبل القريب ، كما هو حال الدول العربية اليوم . . لقد استطاعت ماليزيا على ضوء هذا التفكير العميق في المستقبل القادم لها أن تثير العقول الماليزية للتخطيط ، والعمل الدؤوب حتى أخرجت هذه العقول رؤية 2020 م ، وهي أن تكون ماليزيا إحدى دول العالم الكبار، وفي عداد الدول الصناعية المتقدمة في ذلك العالم ، وذلك من أجل الاستقلالية عن التبعية للأجنبي ، أو التسلط الدولي ، ومن أجل فرض قوة اقتصادية ، وتقنية ماليزية تجبر العالم على أن يحسب لها ألف حساب ، ولتصنع لها ثقلا سياسيا في صناعة الرأي العالمي على الخارطة الدولية . . ولقد كان التعليم نصب أعين الماليزيين حيث أولوه اهتماما بارزا ، فهو أساس التقدم والنمو الحضاري . . ومن يرى المناهج الماليزية والطريقة التي تدرس بها يقف احتراما لشعب يريد الحياة بعزة وكرامة ، ويبحث عن تفوق بلاده بقوة وجدارة . . وكمثال على ذلك هناك في ماليزيا ما يسمى بالمدارس الذكية ، وهي المدارس التي ترتبط بالتقنية والانترنت ، فيحمل الطالب إلى مدرسته كمبيوترا محمولا ، بدلا من شنطة دراسية تثقل كاهله بكتب كثيرة منها ، لا تبعث على الإبداع والتطور ، حيث سيكون في مقدور الطالب أن يجد كل شيء في هذا المحمول حتى أنه لو مرض ، ولم يستطع الذهاب إلى المدرسة ، فإنه بمقدوره أن يتابع الدرس عبر جهازه وارتباطه بالانترنت . . كذلك هناك تكامل وتعاون كبير بين المدرسة والبيت ، ومؤسسات الدولة والقطاع الخاص . . فكل طرف له دور يساهم فيه من اجل إنجاح المسيرة التعليمية الماليزية التي تقود إلى تحقيق رؤية 2020 م . . إن هذا التفوق الماليزي من شأنه أن يدفع الغيورين على أوطانهم الى النظر، والاعتبار، وأخذ الفائدة , ومن ثم وضع الخطط المستقبلية التي من شأنها أن ترتقي بالإنسان في أرضه ، وتجعل منه إنسانا فاعلا ومنتجا . . لا خاملا كسولا . . وعندما ننظر إلى مستوى التعليم عندنا ، والمناهج التي تدرس في المدارس والجامعات ، نجد أن الكثير منها يحتاج إلى غربلة ، وإعادة نظر ، وصياغة جديدة , وكذلك إلى تمحيص شديد حتى تسهم في بناء إنسان فعال ومنتج . . فالحقائق تقول إن مناهجنا لا تدفع ولا تشجع الطالب على الإبداع والابتكار, فالتلقين هو الأسلوب المتبع في نقل المعلومة من الأستاذ إلى الطالب . . وأسلوب التلقين يدفع في حقيقة الأمر إلى إراحة العقل من التفكير، وهذا سيدفع بدوره إلى فقدان شهوة التفوق الإبداعي . . وعلى الضفة الاخرى تفوقت الدول الغربية المتقدمة في أن تصنع نظاما تعليميا متطورا ، استطاعت من خلاله أن تقيم نهضة حضارية وصناعية فريدة ، سيطرت من خلالها على زمام الامور السياسية والاقتصادية الدولية . . ومن جهة أخرى تسبب بعض الظواهر الاجتماعية كالبطالة مثلا في خلق حالة من الإحباط العام عند متلقي هذه المناهج ، حيث إن الكثيرين لا ينظرون إلى المنهج التعليمي كمواد تصنع الإبداع ، بل ينظرون إليها كمرحلة إلزامية مجبر عليها ، ليكسب ورقة في نهاية المرحلة الدراسية تفتح له آفاقا وظيفية ، تؤمن له حياة هانئة . . قد يكون هناك من شذ عن القاعدة ، وصنع إبداعا هنا أو هناك ، ولكن بنظرة شاملة للمنظومة التعليمية عندنا ، نرى أنها متأخرة جدا عن الركب وسط سباق سريع شديد بين الأمم الأخرى نحو التطور، والتفوق العلمي والتقني ، الذي يدفع إلى القوة والاحترام الدولي ، سياسيا واقتصاديا . . بل حتى بعد الجامعة ، الوضع لا يختلف كثيرا, فشركة كأرامكو السعودية لا تحمل سوى 58 براءة اختراع ، طوال حياتها الطويلة الحافلة بالانجازات , مقارنة بشركات كبرى لها آلاف من البراءات , حيث تعتبر براءة الاختراع المؤشر العام على مدى قوة التفوق ، والبحث العلمي .
| |
|